المؤمن شرعا ولا عقلا تجر على المولى. وقد تقدم الكلام في التجري بشؤونه في مبحث القطع. فراجع.
الثاني: ما دل من الاخبار على وجوب التعلم، فإنه قد يدعى ظهورها في الوجوب النفسي، فيترتب العقاب على مخالفته مع قطع النظر عن الواقع.
ولكن هذا الوجه قابل للمناقشة، ببيان: ان محتملات مفاد اخبار وجوب التعلم متعددة، أحدها: أن يكون الوجوب غيريا مقدميا. والثاني: أن يكون الوجوب ارشاديا. والثالث: أن يكون الوجوب طريقيا. والرابع: أن يكون الوجوب نفسيا استقلاليا. والخامس: أن يكون الوجوب نفسيا تهيئيا.
والذي نستظهره منها هو الاحتمال الأول، فان ظاهر الخبر هو ثبوت العقاب على مخالفة الواقع وكون سببه هو الجهل، وان ترك العمل كان ناشئا عن الجهل، فالتنديم وان كان موضوعه ترك التعلم، لكنه بلحاظ ان التعلم مقدمة للواقع لا لموضوعية نفسه، فهو نظير ما لو أمر المولى عبده بشراء اللحم، فلم يشتر العبد اللحم واعتذر بأنه لم يدخل السوق، فان المولى يقول له مستنكرا:
لماذا لم تدخل السوق لتشتري اللحم، فان المنظور الأصلي هو الواجب النفسي.
وبالجملة: ظاهر الرواية خصوصا بملاحظة قوله: " هلا تعلمت حتى تعمل " فرض التعلم مقدمة للعمل، فلا ظهور في الاستنكار على تركه في كونه واجبا نفسيا، بل يكون ظاهرا في كونه بلحاظ مقدميته، وهو كثيرا ما يقع كما عرفت في المثال العرفي.
يبقى سؤال وهو: انه كيف يكون العلم مقدمة وفي أي حال؟. والجواب عنه: ان له موردين:
الأول: مورد الجهل بمتعلقات الاحكام المستحدثة شرعا، كالصلاة والحج والوضوء والغسل، فان ترك التعلم فيها يؤدي إلى عدم أدائها بالنحو المطلوب.
الثاني: مورد العلم الاجمالي بثبوت احكام في الشريعة بنحو الاجمال من