كما أنه لو كان المنظور هو تنجيز الواقع، فوجوب التعلم انما يثبت مع التمكن منه، ومع اليأس عن الدليل يحصل الاطمئنان بعدم التمكن منه فلا يجب.
وأما بناء على دعوى الاجماع، فهو لم يقم على أكثر من ذلك.
وأما على المختار من الوجه الذي ذكرناه أخيرا، فلانه مع الاطمئنان بعدم الطريق واليأس عنه لا مخصص لأدلة البراءة، إذ غاية ما يدل عليه هو وجوب الفحص عن الطرق الاعتيادية للحكم. فتدبر.
ثم إن ههنا شبهة أشير إليها في الرسائل، وهو: انه بناء على دعوى لزوم الفحص لاجل العلم الاجمالي بالتكاليف لا يكون اليأس عن الدليل على الحكم مؤثرا في إجراء البراءة، وذلك لان احتمال التكليف لا يزول بالفحص واليأس عن الظفر بالدليل، فيكون منجزا بالعلم الاجمالي لكونه من أطرافه، فهو نظير ما لو علم إجمالا بنجاسة أحد الإناءين وفحص عن النجس فلم يعثر عليه ولم يستطع تشخيصه وتعيينه، فإنه لا إشكال في منجزية العلم الاجمالي ولزوم الاجتناب عن الإناءين.
وتندفع هذه الشبهة: بان المعلوم بالاجمال فيما نحن فيه بنحو يكون الفحص وعدم العثور على الدليل موجبا لخروج المحتمل عن أطرافه، فان العلم الاجمالي لم يتعلق بثبوت تكاليف واحكام بنحو الاجمال، بل تعلق بثبوت تكاليف فيما بأيدينا من الكتب - كما أشرنا إليه في انحلال العلم الكبير -، أو تعلق بثبوت تكاليف لو تفحص عنها لظفر بها. ومن الواضح انه مع الفحص واليأس عن الدليل يكون التكليف المحتمل خارجا عن أطراف العلم الاجمالي، إذ يعلم إنه ليس من الاحكام الموجودة في الكتب التي بأيدينا، كما أنه ليس مما لو فحص عنه لظفر. فلاحظ جيدا.
هذا تمام الكلام في لزوم الفحص ومقداره.