نحو الاحتياط. إذن فهو لا يصلح أن يكون تنجيزا للواقع، وإنما هو منجز للطريق. ببيان: ان الطريق الواقعي للحكم الشرعي إذا فرض انه ليس منجزا بوجوده الواقعي وإلا كان وجوب التعلم إرشاديا، والمفروض التنزل عنه. وإنما يكون منجزا بوجوده الواصل، فمع احتمال وجود الطريق في الواقع - لو فرض ثبوت تنجزه بمعنى انه فرض ان الطريق المحتمل منجز - لا اشكال في أنه يكون باعثا نحو الفحص والتعلم تحصيلا للمنجز أو دفعا له. إذن فالتعلم من لوازم تنجيز الطريق المحتمل عادة، فيصح انشاء وجوبه بداعي تنجيز الطريق الواقعي المحتمل لكفاية هذا المقدار من الربط في تصحيح ايجاب التعلم بداعي التنجيز، وإن لم يكن التعلم عين الواجب الواقعي المنجز على تقدير ثبوته، فيكون مقتضى وجوب التعلم تنجيز المنجز للواقع.
يبقى سؤال، وهو: ان هذا البيان لا يعدو كونه تصويرا لكون وجوب التعلم تنجيزيا طريقيا في قبال من أنكر صحة ذلك - كالمحقق العراقي (1) -، بدعوى: ضرورة كون الواجب الطريقي المنجز عين الواجب المنجز على تقدير الموافقة. فان هذه الدعوى عرفت انها مردودة بالتصوير المزبور، لكفاية وجود نحو ارتباط بين الواجب الطريقي وذي الطريق، بحيث يناسب الوجوب الطريقي كون ذي الطريق في العهدة ولو بنحو الملازمة.
ولكن ما الوجه في كون الوجوب طريقيا لا نفسيا؟.
والجواب عن هذا السؤال: بان استفادة كون الوجوب طريقيا لا نفسيا إنما هو باعتبار المناسبة العرفية التي يجدها العرف بملاحظة الحكم والموضوع، فإنه يرى ان الملحوظ في وجوب التعلم هو الوصول إلى الواقع بطريقه بعد أن عرفت المناسبة بينهما، فالايجاب هنا نظير ايجاب تصديق العادل والعمل بقوله،