وهذا الوجه هو الذي ينبغي ان يعتمد عليه، ويؤيده جعل الطرق الشرعية إلى الاحكام، والحث والترغيب على طلب العلم وحفظ الاحكام وارشاد الجهال، فإنه يؤكد كون الغرض من الحكم بنحو يلزم إيصاله بالطرق الاعتيادية، لا انه بنحو لا يلزم إلا إذا وصل من باب الصدفة والاتفاق.
ولعل نظر الشيخ (رحمه الله) في الركون إلى لاجماع - في آخر كلامه - إلى ذلك، وان هذا الامر من المسلمات العقلائية، لا انه يحاول الاستناد إلى الاجماع تعبدا (1). فالتفت.
هذا تمام الكلام في أصل وجوب الفحص.
وأما مقدار الفحص اللازم، فالمعتبر فيه بحسب ما تقدم من الأدلة هو الوصول إلى حد اليأس عن الظفر بالدليل، وهو عقلائيا يحصل بالاطمئنان بعدم الدليل.
أما على دعوى عدم جريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان قبل الفحص بعد ملاحظة كون بناء المولى على تبليغ أحكامه بالطرق الاعتيادية، ان الطريق حينئذ إذا كان في معرض الوصول كان حجة، فلانه مع الاطمئنان بعدم الدليل يتحقق موضوع القاعدة، وهو عدم الحجة والبيان.
وأما على دعوى العلم الاجمالي بالتكاليف قبل الفحص فيما بأيدينا من الكتب فلان الطرق يخرج عن أطرافه مع الاطمئنان بعدم الدليل في الكتب التي بأيدينا.
وأما بناء على دلالة الاخبار على وجوب التعلم، فمع حصول الاطمئنان بعدم الدليل يحصل العلم العادي بعدمه، فيتحقق التعلم بالفحص، وسيأتي ان المنظور في اخبار التعلم تنجيز الطرق لا الواقع مباشرة.