الواقع إذا كان في معرض الوصول بالعلم أو بالطريق.
أما إذا لم يكن في معرض الوصول، فلا يكون منجزا بأدلة وجوب الفحص، فيكون العقاب على مخالفته عقابا على تكليف غير منجز وهو قبيح.
أما إذا كان الدليل على وجوب الفحص هو العلم الاجمالي بثبوت الأحكام الشرعية، فلأنك عرفت أن متعلق العلم الاجمالي - المدعى - هو التكاليف التي لو فحص عنها لعثر عليها، أو التكاليف في ما بأيدينا من الكتب.
والمفروض ان الواقع الذي خالفه ليس في الكتب، وليس بنحو لو فحص عنه لعثر عليه، فهو ليس من أطراف العلم الاجمالي فلا يكون منجزا به. نعم هو قبل الفحص يحتمل أن يكون التكليف المحتمل من أطراف العلم، فيكن منجزا عليه، لكنه بعد انكشاف الحال يعلم انه ليس من أطراف العلم وان الحكم الثابت لم يقم عليه منجز، نظير ما لو علم بنجاسة اناء زيد أو اناء عمرو، فاشتبه اناء زيد باناء بكر، فان اناء بكر بما هو مشتبه وان صار فعلا من أطراف العلم بالنجاسة، لكنه واقعا ليس من أطراف تلك النجاسة المعلومة، فلو ارتكب اناء بكر فظهر انه نجس بنجاسة أخرى لم يكن منجزا عليه، لان العلم انما استلزم تنجيز ما تعلق به لا مطلق الأحكام الواقعية. فالتفت.
وأما إذا كان الدليل هو أخبار وجوب التعلم، فقد عرفت انها تتكفل تنجيز الطريق المحتمل، والمفروض انه لا طريق واقعا، فلا تشمل اخبار وجوب التعلم هذا المورد، فلا منجز للواقع.
وأما إذا كان الدليل ما ذهبنا إليه من التنافي بين عدم وجوب الفحص وجعل الحكم، فتتقيد أدلة البراءة بالفحص عند احتمال الطريق، فهو غاية ما يتكفل تقيد أدلة البراءة، فيرجع إلى سلب جعل الحكم الظاهري قبل الفحص، وهو لا ينافي ثبوت العذر العقلي بواسطة البراءة العقلية، كما يأتي بيانها. فعلى هذا البناء وإن لم يكن منجزا، لكن لا معذر شرعي أيضا لتقيد أدلة البراءة بوجوب