كلتا العينين من ذوات المنافع والثمار أم كانت إحداهما كذلك... إلى غير ذلك من الصور، فان مقتضى العلم الاجمالي لزوم التجنب عن المنافع مطلقا، لان النهي عن المغصوب يقتضي النهي عنه وعن توابعه ومنافعه الموجودة فعلا والمتجددة.
فالتجنب عن المنفعة المتجددة يكفي فيه النهي السابق الفعلي المتعلق بنفس العين ويصير بالنسبة إلى الثمرة المتجددة فعليا عند تجددها.
ثم أورد على نفسه: بالفرق بين منافع الدار وثمرة الشجرة ونحوها مما لها وجود مستقل منحاز، فإن تبعية الثمرة للشجرة انما تكون في الوجود، وهي لا تستلزم التبعية في الحكم، بل لا يعقل ذلك بعد أن كانت الثمرة ذات وجود مستقل، ويدخل تحت اليد بنفسه في قبال الشجرة، فلا بد أن يكون كل من الأصل والفرع له حكم مستقل يتحقق عند وجوده. وعليه فلا يعقل ان يتقدم حكم الثمرة على وجودها، لان الحكم تابع لوجود موضوعه، فقبل تحقق الثمرة لا حكم إلا بلزوم الاجتناب عن نفس الشجرة المغصوبة، ثم بعد حصول الثمرة يثبت حكم آخر بحرمة التصرف موضوعه الثمرة. ولكن هذا إذا علم تفصيلا بحرمة الشجرة. أما مع العلم الاجمالي، فحيث لا يعلم ان هذه الثمرة ثمرة لشجرة مغصوبة لا علم بثبوت الحكم فيها، فيجري فيها الأصل بلا مزاحم، إلا إذا كانت طرفا لعلم اجمالي آخر كما يأتي تحقيقه.
نعم، مثل منافع الدار مما لا وجود له مستقل منحاز عن الدار يكون تابعا في الحكم للدار، فيتنجز فيه الحكم بتنجز الحكم الثابت للدار نفسها.
وأجاب (قدس سره) عن هذا الايراد: بان المقصود من تبعية حكم الثمرة للشجرة ليس هو فعلية وجوب الاجتناب عنهما قبل وجودهما، فإنه من فعلية الحكم قبل وجود موضوعه وهو محال، حتى في مثل منافع الدار، إذ يستحيل فعلية وجوب الاجتناب عن منافع الدار للسنة المقبلة، بل المقصود بالتبعية هو ان النهي عن التصرف في الشجرة المغصوبة يقتضي بنفسه وجوب الاجتناب عن ثمرتها