ثم إنه إذا وصلت النوبة إلى الأصول العملية، فهل الأصل في المقام هو البراءة، كما ذهب إليه صاحب الكفاية. أو الاشتغال كما ذهب إليه المحقق العراقي؟.
والوجه في البراءة واضح لأنه من موارد الشك في ثبوت التكليف شرعا وهو مجرى البراءة.
واما الرجوع إلى قاعدة الاشتغال، فوجهه: هو ان المورد من موارد الشك في القدرة، مع العلم بثبوت الملاك الملزم. فكما يحكم العقل في مورد العلم بتوجه التكليف وشك المكلف في قدرته عقلا على الامتثال بلزوم الفحص والتصدي للامتثال للزوم تحصيل غرض المولى إلا مع عجزه حقيقة - ولا يلتزم أحد في مثل ذلك باجراء البراءة -. كذلك الحال في مورد الشك في القدرة العرفية، لأنها كالقدرة العقلية ليست دخيلة في ملاك الحكم، بل دخيلة في حسن توجهه للمكلف، فمع الشك في تحققها يحكم العقل بالاشتغال.
وهذا المطلب ذكره المحقق النائيني (رحمه الله) أيضا. لكن المقرر الكاظمي أشار في تعليقة له على المقام بعدول أستاذه عنه بعد مذاكرته في ما يرد عليه من اشكال، فراجع (1).
وتحقيق الكلام: ان الذي يبدو وقوع الخلط في كلمات الاعلام بين الشبهة المصداقية والشبهة المفهومية، فان ما يذكر في بيان جريان قاعدة الاشتغال عند الشك في القدرة، وما يضرب لذلك من الأمثلة، يختص في الشبهة المصداقية دون الشبهة المفهومية.
ومن الواضح ان كلامنا فيما نحن فيه إنما هو في الاشتباه من حيث المفهوم لا من حيث المصداق، فالتفت ولا تغفل.