وأما إذا كان الخاص ذا مراتب متعددة، فلا يسري اجماله إلى العام، لان المتيقن تخصيصه ببعض مراتبه المعلومة. واما تخصيصه بغيرها فهو مشكوك فيرجع إلى العموم لأنه شك في تخصيص زائد. وما نحن فيه من هذا القبيل، لان عدم الابتلاء ذو مراتب عديدة كما لا يخفى، ويشك في تخصيص العام ببعض مراتبه (1).
وأورد عليه المحقق العراقي (قدس سره): بان ما أفيد إنما ينفع في انحلال العلم الاجمالي، لا في عدم اجمال العام، لأنه يكفي في اجمال العام احتفافه بما يصلح للقرينية، ولو كان بنحو الشك البدوي، وما نحن فيه من هذا القبيل نظير مورد الاستثناء من الجمل المتعددة فإنهم يحكمون باجمال العموم في جميع الجمل وإن كان رجوعه إلى الأخيرة متيقنا (2).
وبالجملة: فما وجهناه من الايراد على الشيخ موجه. لكنه انما يتوجه على التقريب المتقدم لكلامه.
ولكن الانصاف انه يمكن توجيه كلامه بنحو لا يرد عليه ما ذكر. بيان ذلك: ان المخصص تارة يكون لفظا حاكيا عن مفهوم مردد بين الأقل والأكثر، كما في مثل: " لا تكرم فساق العلماء "، وأخرى يكون حكما عقليا كحكم العقل بقبح تكليف العاجز الموجب لتخصيص أدلة التكاليف العامة.
ففي مثل الأول، يتصور الترديد في التخصيص للتردد في المفهوم الذي يحكي عنه اللفظ، فيشك في مورد أنه محكوم بحكم الخاص أو بحكم العام.
وأما الثاني، فلا يتصور فيه التردد في مقام، لان الحاكم لا يتردد في حكمه، فإذا شك في تحقق مناط حكمه لا يصدر منه الحكم جزما، لا انه يشك في ثبوت حكمه كما هو واضح جدا.
وما نحن فيه من قبيل الثاني لان التخصيص كان بحكم العقل والعرف