فلم يحدد في الضابط أمر كلي يكون جامع لهذه الموارد (1).
وهذا الايراد كسابقه في الوهن، لان القدرة العادية كالقدرة العقلية أمر متميز في نفسه لا إبهام فيه، وانما يختلف تحققه باختلاف المتعلق، فيلحظ كل شئ بحسبه. وكما لا يتأتى هذا الكلام في اعتبار القدرة العقلية، فلا يقال إنه لا ضابط له لاختلافه باختلاف الحالات، وكذلك لا يتأتى في القدرة العادية.
وبعبارة أخرى: لا إبهام في مفهوم القدرة عادة أو عقلا، إنما الاختلاف في مصاديقها. وهذا لا يضر في الضابط، ويلحظ في المصاديق كل شئ بحسبه وما يفرض له من ظرف خاص. فتدبر.
الثالث: ان عدم التمكن من المخالفة القطعية لا يتصور مع ملاحظة تطاول المدة والارتكاب التدريجي، للتمكن من المخالفة تدريجيا.
وهذا مما أشار إليه المحقق العراقي أيضا (2).
وفيه: ان هذا إنما يتم في ما لو كانت الأطراف قارة لا تزول بتطاول المدة، كما لو علم بحرمة دخوله في احدى دور النجف، فإنه يتمكن من المخالفة تدريجيا وفي مدة عشرين سنة. ولا يتم فيما لو كانت الأطراف مما يتلف بطول المدة، كالمأكل، فإذا علم بحرمة لحم في أحد أسواق النجف، فهو لا يتمكن من المخالفة القطعية لا دفعة كما هو الفرض، ولا تدريجيا ولمدة سنة - مثلا - لعدم بقاء اللحم وتلفه في هذه المدة. ومثله الجبن وغيره. وهكذا لو علم بنجاسة ثوب من بين ألف ثوب مثلا، لأنه وان أمكن ان يلبس الألف في ضمن سنين، لكنه لا يبقى على كيفيته في ضمن هذه المدة، بل يغسل قطعا، فيطهر.
وبالجملة: أمثلة الشبهة غير المحصورة بهذا الضابط كثيرة. فتدبر. إذن