التكليف المذكور على ما هو عليه من التردد، وإن استلزم التكليف بالناقص بنحو اللابشرط الذي هو مشكوك الحدوث، لان تنجيز الناقص لا يعتبر فيه إحراز التكليف به بنحو اللابشرط، ليكون الأصل مثبتا، بل يكفي فيه إحراز التكليف به في الجملة مرددا بين الوجهين، الذي هو عين المستصحب، ولذا تقدم في أصل مسألة الدوران بين الأقل والأكثر أن العلم بالأقل على ما هو عليه من الترديد صالح لتنجيزه.
نعم، بناء على أن النسيان مسقط للتكليف بالتام واقعا لا مجال للاستصحاب، فإن المتيقن قبل النسيان هو وجوب التام، الذي لا يدعو للأقل إلا في ضمن التام، وهو معلوم السقوط، غاية الامر أنه يحتمل تعقبه بالتكليف بالناقص بسبب النسيان، والأصل عدمه، ولا مجال لاستصحابه، فتأمل.
إلا أن يفرض وجوب القضاء على تقدير الفوت، حيث يعلم حينئذ إجمالا بوجوب المضي في الناقص أو قضاء التام، فيلزم الاحتياط بالجمع بينهما.
وربما يأتي في التنبيه الخامس توضيح ذلك.
وقد تحصل من جميع ما تقدم: أن الأصل عدم إجزاء الناقص من الناسي فيما إذا كان لدليل الجزئية إطلاق يشمل حال النسيان، بل مطلقا بناء على ما ذكرناه في الامر الثالث من عدم اختلاف الملاك بين الناسي والذاكر.
فلابد في الاجزاء من دلالة الدليل المخرج عن مقتضى الأصل المذكور، من باب إجزاء غير الواجب عن الواجب، كما دل الدليل عليه في الصلاة في مثل موارد: (لا تعاد...) وفي الصوم والحج وغير هما مما يوكل تفصيله إلى الفقه.