الخصوصيتين دخل في التكليف بها، كما لو اضطر إلى الميتة أو الدم، فإنه لما كان الاضطرار منافيا للعمل بأحد التكليفين لا غير تعين رفع اليد عن أحدهما فقط تخييرا، ورجع ذلك إلى تقييد كل منهما بما إذا لم يعمل على طبق الآخر، كما في تزاحم التكليفين. فتأمل جيدا.
الثالث: ما في كلامه أيضا ونسب إليه أيضا الجزم به، واختاره غير واحد من تلامذته، وهو يبتني على ما تقدم في الوجه السابق من عدم صلوح الاضطرار لرفع التكليف، إلا أنه يفترق عنه بأن ما يختاره المكلف لرفع الاضطرار لا يكون مرخصا فيه واقعا - كما في الوجه المذكور - بل حيث يشك في انطباق التكليف عليه يكون مرخصا فيه ظاهرا مع بقاء التكليف الواقعي على ما هو عليه، لفرض عدم صلوح الاضطرار لرفعه.
وفيه: - مع ما تقدم من الاشكال في المبنى المذكور - أنه لا مجال للبناء على الترخيص الظاهري في المقام بعد كون الاضطرار معلوما وكونه موجبا للترخيص الواقعي، وليس كالشك موجبا للترخيص الظاهري.
وحينئذ إن فرض صلوحه لرفع التكليف في المقام لزم البناء على الرفع والترخيص الواقعي، وإلا لزم البناء على بقاء التكليف الواقعي على كل تقدير المستلزم لعدم جواز رفع الاضطرار، لما تقدم.
وأما ذكره بعض الأعاظم قدس سره من أن العلة الموجبة للترخيص لما كانت هي الجهل بمورد التكليف لا الاضطرار، ولذا لو علم بمورد التكليف تفصيلا تعين رفع الاضطرار بغيره، كان الترخيص في المقام ظاهريا لا واقعيا.
ففيه: - مع ما تقدم في الوجه السابق - أن الجهل إنما يوجب الترخيص الظاهري إذا رجع إلى الجهل موضوع التكليف الواقعي أو ببعض حدوده وقيوده، المستلزم للجهل بالتكليف نفسه، كما لو جهل بأصل الاضطرار لمورد التكليف وكان مقتضى الأصل تحققه مثلا، أو جهل مورده مع العلم بوجوده، كما