أما إذا كان الرافع للاضطرار هو الطرف الذي هو مورد للتكليف الاجمالي، فالتكليف فيه لا يكون فعليا سواء ارتكب غيره بعد ذلك أم لا، فمن اضطر لشرب أحد الانائين المعلوم بنجاسة أحدهما، فشرب النجس الواقعي أو لا، ورفع اضطراره به كان حلالا له وإن شرب غيره بعد ذلك، وحينئذ فالعلم بفعلية التكليف موقوف على العلم برفع الاضطرار بغير الحرام، والمفروض عدم حصول العلم المذكور.
نعم، ذكر سيدنا الأعظم قدس سره أن ذلك إنما يقتضي جواز ارتكاب جميع الأطراف تدريجا، أما ارتكابها دفعة فلا مجال له، للعلم معه برفع الاضطرار بغير مورد التكليف، الملازم لفعلية التكليف في مورده المانعة من مخالفته.
ومقتضى ذلك وجوب الاحتياط في الشبهات الوجوبية، كالدوران بين القصر والتمام، لان مخالفة احتمال التكليف في جميع أطرافها دفعية، إلا أن يكون العلم الاجمالي تدريجيا، كما لو علم بوجوب إكرام زيد يوم الجمعة أو عمرو يوم السبت واضطر لترك أحدهما.
لكن يشكل ما ذكره قدس سره: بأن التكليف قبل رفع الاضطرار إن كان فعليا وقد انشغلت به الذمة وجب إحراز الفراغ عنه وامتنع رفع الاضطرار، وإن لم يكن فعليا لم يجب الفراغ عنه.
فالتحقيق: أنه بعد فرض أن الاضطرار ونحوه في المقام من قيود نفس التكليف لمنافاته له يتعين البناء على ارتفاع التكليف ما دام الاضطرار موجودا، لوضوح التنافي بين التكليف بأحد الطرفين المعين في نفسه مع الترخيص في مخالفته ورفع الاضطرار به، ومن الظاهر أن الترخيص المذكور مستمر إلى آخر أزمنة ارتفاع الاضطرار حتى مع المخالفة في جميع الأطراف دفعة واحدة.
نعم، بعد سقوط الترخيص المذكور والعمل بمقتضاه في رفع الاضطرار ونحوه يتعين رجوع التكليف لو فرض بقاء موضوعه، إلا أنه غير معلوم في