للتكليف المعلوم بالاجمال، المقتضي لاجتناب متعلقه على كل حال، فلابد من ارتفاع التكليف المذكور حين الترخيص المذكور.
نعم، بعد العمل بمقتضى الترخيص، وارتكاب بعض الأطراف، وسقوط دليل الترخيص بذلك، يحتمل كون الطرف الباقي هو الحرام.
لكن لا منجز للاحتمال المذكور بعد ارتفاع العلم الاجمالي، بل يتعين الرجوع فيه للأصل الترخيصي.
وقد تصدى غير واحد لدفع ذلك وتوجيه منجزية العلم الاجمالي في المقام، والمتحصل من كلماتهم وجوه..
الأول: ما يظهر من بعض الأعيان المحققين قدس سره من أن الاضطرار ونحوه وإن كان مقتضيا للترخيص، إلا أنه لا يقتضي ارتفاع التكليف الواقعي رأسا، ليكون كلا الطرفين حلالا لا موضوع معه للاحتياط، بل يقتضي الاقتصار في تقييد التكليف الواقعي الذي يقتضيه الاضطرار.
وتوضيحه: أن الاضطرار حيث لا يقتضي الترخيص في كل طرف بخصوصه، بل يقتضي الترخيص في بعضها لاغير بنحو البدلية، فهو لا يقتضي رفع التكليف الواقعي القائم بأحد الأطراف رأسا، بل يقتضي تقييده بما إذا لم يرتكب غيره من الأطراف، فأي منها كان موردا للتكليف الواقعي فالتكليف به مشروط بذلك، ولا يرتفع التكليف عنه إلا إذا لم يرتكب غيره، أما إذا ارتكب غيره فحيث كان ذلك الغير كافيا في تحقق مقتضى الترخيص فلا ملزم برفع التكليف عن مورده. فإذا ارتكب جميع الأطراف فقد خالف التكليف الواقعي الفعلي قطعا، حيث ارتكب الحرام الواقعي مع ارتكاب غيره الذي هو شرط في فعلية التكليف به.
وفيه: أن التكليف الاجمالي القائم ببعض الأطراف المعين في نفسه إنما يكون فعليا في ظرف ارتكاب غيره إذا كان ارتكاب الغير هو الرافع للاضطرار،