لان مقتضى قوله صلى الله عليه وآله: (رفع عن أمتي... ما اضطروا إليه) (1)، وقوله عليه السلام: (ليس شئ مما حرم الله إلا وقد أحله الله لمن اضطر إليه) (2)، هو ارتفاع حكم المضطر إليه، والمفروض في المقام عدم الاضطرار لمورد التكليف، إلا أنه لا مجال له في مثل دليل العسر والحرج، لان ظاهره رفع الحكم الموجب لهما، ومن الظاهر أن التكليف في المقام بسبب اشتباه مورده المستلزم للاحتياط عقلا موجب للعسر وإن كان لا يوجبه لو فرض العلم التفصيلي، حيث لا يقتضي إلا موافقته في مورده والمفروض عدم لزوم العسر منها.
وكذا الحال في مثل المزاحمة للتكليف الأهم، لان التكليف المهم بسبب تردد متعلقه المقتضي للاحتياط يكون بنفسه مزاحما للأهم، فيسقط وإن كان لا يزاحمه لو علم به تفصيلا. بل لما كان المستفاد من دليل الاضطرار اهتمام الشارع بسد ضرورة المكلف ورفع اضطراره كان الاضطرار في المقام منافيا للتكليف وإن لم ينطبق عنوان الاضطرار على مورده.
كيف! ومن الظاهر أن العسر ليس أهم من الاضطرار.
ومما ذكرنا يظهر الفرق بين المقام وما إذا كان مورد التكليف معلوما بالتفصيل، لان الاضطرار في المقامين وإن كان إلى الجامع بين الحلال والحرام، لا إلى الحرام بخصوصه، إلا أن التكليف لما كان يقتضي الموافقة القطعية عقلا، فالاضطرار إن كان منافيا لها كان منافيا للتكليف عملا، فيقتضي رفعه، وإلا فلا وجه لرفعه له، لعدم التنافي بينهما، ومن الواضح الفرق في ذلك بين صورتي العلم التفصيلي والاجمالي.
ومنه يظهر الوجه في إعماله بالإضافة إلى أحد التكليفين لو كان لكل من