الطرف الأول وفعليته بعد رفع الاضطرار به، وهو مدفوع بالأصل.
نعم، لازم ذلك أنه لو دار الامر بين رفع الاضطرار بأطراف المعلوم بالاجمال ورفعه بما يعلم التكليف به تفصيلا كان المكلف مخيرا بينهما، فلو علم المكلف بنجاسة أحد إنائين إجمالا، وبنجاسة ثالث تفصيلا، واضطر لشرب أحدها، فكما يجوز له رفع اضطراره بأحد المشتبهين يجوز رفعه بالثالث، لعدم الفرق بين التكليفين في المنافاة للترخيص الناشئ من قبل الاضطرار، المستلزم لرفع أحدهما تخييرا، كما لو اضطر لاحد الانائين النجسين، وهو مما تأباه المرتكزات العقلائية جدا، ولا يظن من أحد الالتزام به.
بل يلزم في كثير من الفروع ما يصعب الالتزام به جدا، مثلا لو دار الامر بين القصر والتمام، وضاق الوقت عن الجمع بينهما يجوز ترك المبادرة إلى كل منهما وانتظار خروج الوقت، لتعذر الموافقة القطعية بالإضافة إلى الامر الأدائي، إلى غير ذلك.
ومن ثم كان الامر في غاية الاشكال.
لكن الاشكال مختص بما إذا قيل بامتناع ترخيص الشارع في ترك الموافقة القطعية والتنزل للموافقة الاحتمالية.
أما بناء على ما تقدم منا في صدر الكلام في هذا الفصل من إمكان ذلك فلا مورد للاشكال المذكور، إذ الترخيص حينئذ في ارتكاب بعض الأطراف بنحو البدل لا ينافي التكليف، كي يمنع من بقائه وتنجزه بالعلم، وإنما ينافي وجوب موافقته القطعية لا غير، فلا يقتضي إلا رفعها شرعا مع بقاء التكليف بحاله، وإن لم يعاقب عليه على تقدير رفع الاضطرار به عملا بمقتضى الترخيص.
فالترخيص الناشئ من قبل الاضطرار واقعي لا ظاهري، إلا أنه ليس ترخيصا في مورد التكليف بخصوصه، ليكون منافيا له مستلزما لرفعه، بل في