عبد الله عليه السلام قال: " إن سال من ذكر شئ من مذي أو ودي وأنت في الصلاة فلا تغسله... فإنما ذلك بمنزلة النخامة. وكل شئ خرج منك بعد الوضوء فإنه من الحبائل أو من البواسير، وليس بشئ، فلا تغسله من ثوبك إلا أن تقذره " (1)، لظهوره في إقرار الغسل للاستقذار وعدم الردع عنه، لعدم قذارة الشئ واقعا، المستلزم لعدم الموضوع له.
ومثله ما ذكره بعض مشايخنا من أن كون الطهارة والنجاسة من الأمور الواقعية لم تم في الواقعيتين منهما لا يتم في الظاهريتين، بل لا إشكال في كونهما مجعولين للشارع الأقدس.
لاندفاعه أولا: بأن الحكم بالطهارة والنجاسة ظاهرا لا يرجع إلى جعلها في قبال الواقع، لينظر في حقيقتهما، بل إلى التعبد بهما في مقام الاثبات والعمل بما لهما من المعنى الواقعي، كالتعبد الظاهري بالموضوعات الخارجية من الحياة والموت وخروج المني وغيرها، على ما ذكرناه في حقيقة الحكم الظاهري، فليس في المقام إلا الأمور الواقعية - الخارجية أو الاعتبارية - التي تدرك بالوجدان تارة، ويتعبد بها ظاهرا في مقام العمل أخرى.
وثانيا: بأنه لو كان مرجع التعبد بالشئ ظاهرا إلى جعله فهو إنما يمكن في التعبد بالأحكام القابلة للجعل، أما الأمور الواقعية - كالخمرية والاسكار - فلا يرجع التعبد بها إلى جعلها، لتبعيتها لأسبابها التكوينية وعدم قابليتها للجعل التشريعي، بل لا بد من رجوعه لجعل أحكامها، فلو تم كون الطهارة والنجاسة الواقعيتين من الأمور الخارجية غير الجعلية فاللازم رجوع التعبد بهما إلى جعل أحكامهما، لا جعلهما بأنفسهما.