وثالثا: بأن العلية بمجردها لا تكفي في المفهوم، ما لم تكن بنحو الانحصار، ولا إشعار للوصف بكونه علة منحصرة.
نعم، قد يستفاد ذلك من قرينة خاصة أو من سوقه مساق التعليل، كما لو قيل: لا تأكل الرمان لأنه حامض، ويتعين البناء حينئذ على المفهوم.
ولعله إليه يرجع ما عن العلامة من التفصيل في ثبوت المفهوم وعدمه بين كون الوصف علة وعدمه.
لكنه خارج عن محل الكلام، لوضوح أن الكلام في ظهور الوصف بنفسه في المفهوم.
الثالث: أنه لولا ظهور الوصف في المفهوم لم يكن وجه لحمل المطلق على المقيد المثبتين، لعدم التنافي بينهما بدوا، مع أن بناء الفقهاء وأهل الاستدلال على التنافي البدوي بينهما ولزوم الجميع بذلك.
ولا يخفى أنه لو تم فالمفهوم اللازم له هو انتفاء الحكم بانتفاء الوصف عن الموضوع - إذا كان معتمدا - لا عن غيره.
كما أنه لا يختص بالوصف المعتمد، بل يجري في غيره أيضا، كما يجري في غير الوصف من القيود، لعموم البناء على الجمع بين المطلق والمقيد فيها.
لكنه تقرر في محله أن التنافي بين المطلق والمقيد غير المختلفين في الايجاب والسلب مختص بما إذا كان الحكم الذي تضمناه واحدا واردا على الماهية بنحو البدلية، كما في مثل: من ظاهر فليعتق رقبة، و: من ظاهر فليعتق رقبة مؤمنة، بخلاف ما إذا كان واردا عليها بنحو الاستغراق، كما في مثل: من أحرم حرم عليه الصيد، ومن أحرم حرم عليه صيد الوحش.
والوجه في التنافي المذكور: أن الحكم الوارد على الماهية بنحو البدلية