ذلك من العناية والكلفة غير المألوفة في تلك العصور، لان الغرض الفعلي تفهيم المعاني ولو بالاستعمال فيها مع القرينة التي يسهل إقامتها مع أنه لو صدر ذلك منه صلى الله عليه وآله لظهر وبان، لأهميته جدا، وتوفر الدواعي لنقله، من دون موجب لاخفائه.
نعم، قرب المحقق الخراساني (قدس سره) تحقق الوضع التعييني بنفس استعمال اللفظ في المعنى بنحو استعماله فيه لو كان موضوعا له، ولو بضميمة القرينة الدالة على أن الغرض منه الحكاية عن المعنى، والدلالة عليه بنفس اللفظ على أنه معناه، لا بالقرينة.
وهو وإن كان ممكنا بناء على أن الوضع عبارة عن الالتزام بتعيين اللفظ بإزاء المعنى، وإبراز الالتزام المذكور إما بإنشاء ذلك المضمون، أو بفعل ما هو من شؤونه وتوابعه وهو الاستعمال الخاص، نظير إبراز الالتزام العقدي بإنشاء مضمونه تارة، وبالمعاطاة أخرى.
إلا أن الظاهر عدم وقوعه، لما فيه من العناية والخروج عن الوضع الطبيعي في الوضع، بل قصد ذلك وإقامة القرينة عليه أشد مؤنة من إنشاء الوضع قبل الاستعمال صريحا.
وأما ما ذكره بعض الأعيان المحققين (قدس سره) من أن ديدن العقلاء في العلوم والفنون التي يخترعونها ويدونونها والصناعات التي يزاولونها على تعيين الألفاظ المناسبة للمعاني المستحدثة ليسهل تفهيمها، وحيث امتنع الوضع التعييني بالوجه الأول تعين هذا الوجه.
فهو ممنوع، بل تكون المصطلحات للعلوم والفنون والصناعات تدريجي، ولا هم للمؤسسين إلا تفهيم المعاني بالطرق غير المتكلفة بالاستعانة بالقرائن