لفرض أن ملاك المؤدى ليس من سنخ ملاكه حتى يكون استيفاؤه استيفاء له كما هو الحال في جميع الواجبات المستقلة، فإذن يبقى الواقع كما هو، غاية الأمر أن المكلف جاهل به، وحينئذ فإذا انكشف الخلاف في الوقت وجب الإعادة فيه، وإذا انكشف خارج الوقت وجب القضاء فيه هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى هل يتصور ذلك في باب الصلاة، بأن لا تكون مصلحة المؤدى فيه من سنخ مصلحة الواقع، الظاهر أنه غير متصور فيه، فإذا قامت الامارة على عدم جزئية السورة مثلا في الصلاة وكان الواجب في الواقع هو الصلاة مع السورة، ففي مثل ذلك لو كانت مصلحة المؤدى مباينة لمصلحة الواقع وغير مسانخة لها، لزم تعدد الواجب حكما وملاكا وهو لا يمكن، ضرورة أن الواجب على المكلف صلاة واحدة إما بدون السورة أو معها، فلو فرض وجود مصلحة في الصلاة بدون السورة التي هي مؤدى الامارة، فلابد أن تكون من سنخ مصلحة الصلاة مع السورة التي هي واجبة في الواقع حتى تستوفي بها، فلا يمكن فرض وجود مصلحة مستقلة فيها غير مسانخة لها، وإلا لزم محذور تعدد الواجب حكما وملاكا.
وأما في غير باب الصلاة كالصوم والحج والزكاة والخمس وغيرها، فلا مانع من افتراض تعدد المصلحة سنخا، بأن لا تكون مصلحة مؤدى الامارة من سنخ مصلحة الواقع، كما إذا قامت الامارة على وجوب الصلاة ركعتين مثلا عند رؤية الهلال وكان الواجب في الواقع الدعاء، فلا مانع من أن تكون مصلحة الصلاة التي هي مؤدى الامارة مباينة لمصلحة الدعاء بدون المضادة بينها، وعلى هذا فالقول بالتسبيب على هذا الفرض لا يستلزم التصويب ولا الاجزاء في غير باب الصلاة من أبواب العبادات.