الفرض الأول: الالتزام بوجود مصلحة في المؤدى، على أساس أن تفويت مصلحة الواقع بلا مبرر قبيح، فلذلك لابد من الالتزام بوجودها فيه حتى لا يلزم هذا المحذور.
وهذه المصلحة قد تكون مسانخة لمصلحة الواقع وقد تكون غير مسانخة لها، وأما إذا كانت مسانخة لها، فإن كانت أقوى من مصلحة الواقع انقلب الواقع إلى واقع ثانوي وهو مؤدي الامارة، باعتبار أن مصلحته حيث كانت أقوى من مصلحة الواقع فهي المؤثرة دونها، لأن تأثيرها منوط بأن لا يكون لها مزاحم أقوى، ولا زم ذلك التصويب والاجزاء، وأما التصويب فلأنه مرد ذلك إلى أن الحكم الواقعي مشروط بعدم قيام الامارة على خلافه، فإذا قامت ارتفع بارتفاع موضوعه، وهذا هو التصويب المنسوب إلى المعتزلة، أما الاجزاء فهو واضح لمكان استيفاء مصلحة الواقع بمصلحة أقوى منها وهو مصلحة المؤدى، فلا مبرر حينئذ للإعادة ولا للقضاء. وإن كانت مساوية لها، فالواجب حينئذ تخييري وهو الجامع بين الواقع والمؤدى، ولا يمكن أن يكون تعيينيا، ضرورة أن الاتيان بكل من المؤدى والواقع يكفي عن الآخر ملاكا وحكما ومعه لا يمكن أن يكون كل منهما واجبا تعيينيا، ولا زم ذلك أيضا التصويب والاجزاء، أما التصويب فلأن الواقع ينقلب عن التعيين إلى التخيير، وأما الاجزاء فلأن المكلف إذا عمل بالامارة المخالفة فقد أتى بأحد فردي الواجب، وأما إذا كانت مصلحة المؤدى غير مسانخة لمصلحة الواقع، فلا تستلزم التصويب ولا الاجزاء، أما الأول فلأن استيفائها ليس استيفاء لها، فإذا عمل المكلف بالمؤدى فقد استوفى مصلحته، وأما مصلحة الواقع فهي باقية على حالها، أو فقل إن هنا واجبين مستقلين لا يرتبط أحدهما بالآخر لا ملاكا ولا حكما وهما المؤدى والواقع، وعلى هذا فإذا أتى المكلف بالمؤدى لم يسقط الواقع عنه لا ملاكا ولا حكما،