الطلب، فان تعبيراتهم في المسألة مختلفة من مورد إلى مورد آخر، فقد يعبر عنه في كلماتهم بالأمر وقد يعبر عنه بالخبر وقد يعبر عنه بصيغة الخبر وقد يعبر عنه بالطلب هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى أنهم لا ينكرون الكلام اللفظي لله تعالى، بل يقولون به ولهذا قد صرحوا بأن ما قالته المعتزلة لا ننكره نحن، بل نقوله ونسميه كلاما لفظيا ونعترف بحدوثه وعدم قيامه بذاته تعالى، ولكنا نثبت أمرا وراء ذلك وهو المعنى القائم بالنفس الذي يعبر عنه بالألفاظ ونقول هو الكلام حقيقة وهو قديم قائم بذاته تعالى وأنه غير العبارات، إذ قد تختلف العبارات بالأزمنة والأمكنة والأقوام ولا يختلف ذلك المعنى النفسي، كما لا ينحصر الدلالة عليه بالألفاظ، إذ قد يدل عليه بالإشارة والكتابة (1).
ومن هنا يظهر أن القول بالكلام النفسي لا يتوقف على القول بأن الطلب مغاير للإرادة، بل لو قلنا باتحاده معها فمع ذلك لا مانع من القول بالكلام النفسي، فإنه عند القائلين به مدلول للكلام اللفظي ويتعدد بتعدده وقائم بذاته تعالى قيام الصفة بالموصوف وقديم وأنه غير الإرادة والعلم والقدرة وغير الطلب، لأن قيام الطلب بذاته تعالى قيام الفعل بالفاعل، وقيام الكلام النفسي بذاته سبحانه قيام الصفة بالموصوف، كما أن القول بتغاير الطلب مع الإرادة لا يستلزم القول بالكلام النفسي، فان الطلب كما مر فعل اختياري فلا يعقل أن يكون هو الكلام النفسي.
فالنتيجة، أن مسألة أن الطلب متحد مع الإرادة أو مغاير لها لا ترتبط بمسألة