فهو لا يدل على أن صورة الكلام في أفق الذهن كلام نفسي، حيث لا تتوفر فيها مميزاته لمكان أنها من مقولة العلم من جهة وحادثة لا قديمة من جهة أخرى ولم تكن مدلولا للكلام اللفظي من جهة ثالثة.
الوجه الثاني: أن الله تعالى قد وصف نفسه بالتكلم في كتابة الكريم بقوله عز وجل: (كلم الله موسى تكليما) (1) وحيث أن التكلم صفة له تعالى كالعلم والقدرة والإرادة وما شاكلها فلا محالة يكون قائما بذاته كسائر صفاته، وعليه فلابد من الالتزام بكون التكلم قديما لاستحالة قيام الحادث بذاته تعالى كقيام الحال بالمحل والصفة بالموصوف والعرض بالمعروض هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى أن الكلام اللفظي حيث أنه مؤلف من حروف وأجزاء متدرجة متصرمة في الوجود فلا محالة يكون حادثا مسبوقا بالعدم ولا يعقل أن يكون قديما، وعليه فلا يمكن أن يكون المراد من الكلام في الآية الشريفة الكلام اللفظي وإلا لزم كون ذاته تعالى محلا للحوادث، فإذن لا محالة يكون المراد منه الكلام النفسي وهو قديم ولا يلزم من قيامه بذاته تعالى قيام الحادث بها، فالنتيجة أن كلامه تعالى نفسي لا لفظي (2).
والجواب: أن هذا الوجه مبني على الخلط بين الصفات الذاتية والصفات الفعلية بتخيل أن جميع صفاته تعالى قديمة وقائمة بذاته قيام الصفة بالموصوف، بيان ذلك أن صفاته تعالى على نوعين:
الأول: الصفات الذاتية كالعلم والقدرة والحياة وما يؤول إليها، فان هذه الصفات عين ذاته تعالى في الخارج ولا اثنينية فيه ولا مغايرة، فان قيامها بها