فلا يمكن أن يكون كلاما نفسيا لعدم توفر مميزاته فيه ككونه قديما وصفة، وأما الخطابات الاخبارية فلان مدلولها أيضا لا يعقل أن يكون من سنخ الكلام النفسي، لأنه متمثل في ثبوت النسبة في الواقع أو نفيها فيه، ومن الواضح أن مميزات الكلام النفسي لا تتوفر فيه، منها كونه صفة لله تعالى ليكون قيامه بذاته سبحانه قيام الصفة بالموصوف، ضرورة انه ليس صفة له تعالى حتى يكون قيامه بذاته كذلك، وأما الأخبار فهو فعله تعالى وقيامه به قيام الفعل بالفاعل.
فالنتيجة، أن مدلول الخطابات القرآنية من الانشائية والاخبارية لا يمكن أن يكون من سنخ الكلام النفسي.
الثاني: أن ما ذكر في هذا الدليل من أن الكلام النفسي غير العلم، معللا بأن الرجل قد يخبر عما لا يعلمه أو يعلم خلافه، فان الكلام النفسي هنا موجود دون العلم غريب جدا، وذلك لأنه ليس في هذا المورد إلا تصور المخبرية بتصور ساذج مثلا يتصور موت زيد من دون أن يعلم به أو يعلم أنه حي لا ميت ثم يخبر عن موته في الخارج، فإذن ليس هنا إلا تصور موته، وحينئذ فان أريد بالكلام النفسي هذا التصور الساذج في أفق الذهن وأنه غير العلم والإرادة، فيرد عليه أولا: أن الكلام النفسي مدلول للكلام اللفظي وأنه سنخ معنى قائم بالنفس قيام الصفة بالموصوف وقديم، وهو بهذه المميزات لا ينطبق على الصورة الساذجة التي لا واقع لها غير وجودها في الذهن، فإنها ليست مدلولا للكلام اللفظي ولا قديمة.
وثانيا: أن الكلام النفسي بهذا المعنى غير متصور في ذاته، إذ لا يعقل قيام التصور الساذج بذاته تعالى وتقدس، لأنه عبارة عن انطباع صورة الشئ في أفق الذهن ولا موضوع له بالنسبة إلى ذاته المقدسة، هذا إضافة إلى أن علمه تعالى بالأشياء حضوري فلا يتوقف على مقدمة أخرى.