الكلام النفسي لا اثباتا ولا نفيا، فإنه في تلك المسألة سواء فيه القول بالاتحاد أم التغاير فلابد في هذه المسألة من النظر إلى أدلتها، ومن هنا يظهر أن محاولة المحقق الخراساني (قدس سره) بأن القول باتحاد الطلب مع الإرادة يستلزم بطلان القول بالكلام النفسي (1) مما لا أساس لها، فإنها مبنية على أن الطلب لو لم يكن متحدا مع الإرادة لكان هو الكلام النفسي، ولكن عرفت أنه لا واقع موضوعي له، فان الكلام النفسي على ما ذكره الأشاعرة من المواصفات والمميزات لا ينطبق على الطلب لا الطلب الحقيقي ولا الطلب الانشائي، لأن كليهما أمر حادث مسبوق بالعدم وقيامه بالذات قيام الفعل بالفاعل لا الصفة بالموصوف، ثم أن الأشاعرة قد استدلوا على الكلام النفسي بعدة وجوه:
الوجه الأول: ما ذكره في شرح المواقف من أن الكلام النفسي وراء الكلام اللفظي وهو المعنى القائم بالنفس الذي يعبر عنه باللفظ أو غيره كالإشارة أو الكتابة وهو كلام حقيقة وقديم قائم بذاته تعالى وهو غير العبارات، حيث إن العبارات تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأقوام ولا يختلف ذلك المعنى النفسي أبدا باختلافها الذي هو الخبر وهو غير العلم، حيث إن الرجل قد يخبر عما لا يعلمه بل يعلم خلافه أو يشك فيه، فان الخبر هنا موجود دون العلم وهو الأمر غير الإرادة، لأن الشخص قد يأمر بما لا يريد كالمختبر لعبده، فان الأمر هنا موجود دون الإرادة، وفي هذه الصورة الموجود واقعا هو صيغة الأمر، إذ لا طلب فيها كما لا إرادة قطعا، فاذن المعنى النفسي الذي يعبر عنه بصيغة الخبر والأمر صفة ثالثة مغايرة للعلم والإرادة قائمة بالنفس وهي قديمة لامتناع قيام الحادث بذاته تعالى. ومن الغريب جدا ما نسب إلى الحنابلة في شرح