الثاني: أن العلم الاجمالي في مسألة الأقل والأكثر ينحل حكما.
الثالث: أنه لا فرق بين التكليف والغرض، كما أن التكليف ما لم يصل إلى المكلف لا يحكم العقل بتنجزه ووجوب موافقته كذلك الغرض، فإنه ما لم يصل إلى المكلف لا يحكم العقل بتنجزه ووجوب تحصيله، فإنه لا يزيد على أصل التكليف.
وغير خفي أن التعليق الأول والثاني وإن كان صحيحا، إلا أن التعليق الثالث غير سديد، وذلك لأن صاحب الكفاية لم يقل بالفرق بين ما إذا كان الشك في التكليف وما إذا كان الشك في الغرض، وإنما يقول بأصالة الاشتغال في مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين عند الشك في الغرض من جهة العلم الاجمالي وعدم انحلاله، فلهذا يحكم العقل بقاعدة الاشتغال لا بقاعدة قبح العقاب بلا بيان، ولكن بما أنه (قدس سره) قد بنى في نهاية المطاف على جريان البراءة الشرعية وانحلال العلم الاجمالي حكما فلا يحكم العقل بقاعدة الاشتغال، فإن الوظيفة حينئذ الاتيان بالأقل، وهذا قرينة على أنه لا يقول بقاعدة الاشتغال في كل مورد يكون الشك فيه شكا في الغرض، وأما في المقام فمن جهة أن الغرض قد وصل إلى المكلف بوصول الأمر إليه، والشك إنما هو في حصوله بالاتيان بالواجب بدون قصد القربة، فمن أجل ذلك يحكم العقل بقاعدة الاشتغال، على أساس أن الشغل اليقيني يقتضي الفراغ اليقيني، ومن الواضح أن التزامه (قدس سره) بالاشتغال في هذين الموردين لا يدل على التزامه به في كل مورد وإن كان الشك في الغرض فيه بدويا هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى أنه (قدس سره) قد صرح في الكفاية أنه لا مجال في المقام إلا لقاعدة الاشتغال، ولو قيل بأصالة البراءة فيما إذا دار الأمر بين الأقل والأكثر