الترخيص في الترك تم موضوع حكم العقل بالوجوب ولزوم الإطاعة، ومعه يكون الترخيص بالمنفصل منافيا له فيمتنع وهو واضح البطلان، ضرورة أن القرائن المنفصلة على عدم الوجوب في النصوص الشرعية من الكتاب والسنة لا تكون أقل شأنا من القرائن المتصلة على ذلك، فاذن كيف يمكن الحكم بامتناعها.
وأما الثاني: فلأن لازمه عدم امكان احراز الوجوب عقلا عند الشك في وجود القرينة المنفصلة على الترخيص في الترك في الواقع مع القطع بعدم وجود القرينة المتصلة على ذلك، باعتبار أن حكم العقل بالوجوب معلق على عدم الترخيص في الترك من قبل المولى ولو منفصلا، ومع الشك فيه لا محالة يشك في حكم العقل بالوجوب.
وأما الثالث: وهو كون حكم العقل معلقا على عدم احراز الترخيص في الترك فهو خروج عن محل الكلام، لأن محل الكلام في الوجوب الواقعي الذي هو مشترك بين العالم والجاهل لا في الوجوب المنجز المختص بالعالم، هذا.
ويمكن المناقشة فيه أيضا وذلك لأن حكم العقل بالوجوب وإن كان لا يمكن تعليقه على عدم الترخيص بالمتصل ولا على الأعم منه ومن عدم الترخيص بالمنفصل في الواقع للمحذور المتقدم، إلا أنه لا مانع من تعليقه على عدم احراز الترخيص في الترك، لوضوح أن حكم العقل بلزوم الطاعة والخروج عن العهدة تأمينا للعقوبة معلق على عدم احراز الترخيص فيه من قبل المولى، لأن هذا الحكم العقلي ليس حكما واقعيا مشتركا بين العالم والجاهل، بل هو حكم عقلي عملي متمثل في ادراك العقل لزوم طاعة المولى في الأوامر الواردة من قبله إذا لم يحرز قرينة على الترخيص في الترك، لما مر من أن المراد من حكم العقل