هنا مناقشتان:
الأولى: أن مدلول هذه الجملة المستعملة في مقام الانشاء هو النسبة الطلبية المولوية ودلالتها على الوجوب متوقفة على كون النسبة المذكورة ناشئة عن مصلحة لزومية في الفعل ولا قرينة فيها على ذلك، وحينئذ فكما يحتمل ذلك كونها ناشئة عن مصلحة غير لزومية فلذلك لا تدل على الوجوب.
والجواب: أولا: بالنقض بصيغة الأمر باعتبار، أن مدلولها أيضا هي النسبة الطلبية المولوية إلا أن يقال بعدم دلالتها على الوجوب أيضا.
وثانيا: أن هذه المناقشة لو تمت فإنما تتم بناء على تفسير الجملة بالوجه الأول أو الثاني أو الرابع أو السادس، ولا تتم بناء على تفسيرها بالوجه الثالث أو الخامس، فإن اشتمالها على النكتة الزائدة في ضوء هذين الوجهين قرينة على دلالتها على الوجوب، لأن تلك النكتة وهي طلب المولى الفعل بلسان الاخبار عن وقوعه في الخارج وتحققه فيه لا تنسجم مع الندب، باعتبار أنها تدل على مدى اهتمام المولى بوقوعه فيه ولا يرضى إلا بذلك.
وثالثا: أنها لا تتم مطلقا وعلى ضوء جميع تفاسيرها، وذلك لأن دلالة الجملة على أصل الوجوب مستندة إلى نكتة عامة هي مشتركة بين تمام هذه الوجوه والتفاسير وهي دلالتها على النسبة الطلبية المولوية، وقد تقدم أن المولوية مساوقة للوجوب، فإذا قال المولى من تكلم في صلاته متعمدا أعادها، كان ظاهرا عرفا وارتكازا في الوجوب، فإرادة الندب بحاجة إلى قرينة كما هو الحال في صيغة الأمر ومادته.