المناقشة الثانية ما ذكره السيد الأستاذ (قدس سره) (1) من أنه لو صح استعمال الجملة الخبرية في مدلولها الوضعي التصوري بداعي الانشاء والطلب، لكان لازم ذلك صحة استعمال كل جملة خبرية في مقام الانشاء ولو كانت اسمية كزيد قائم وزيد معيد صلاته وهكذا، لتوفر النكتة المذكورة فيها وهي استعمالها في مدلولها الوضعي الحكائي بداعي انشاء الطلب مع أنه من أفحش الأغلاط، بل ولا الفعل الماضي إلا إذا كان جزاء لجملة شرطية كما في مثل جملة إذا تكلم في صلاته متعمدا أعاد صلاته، مع أن لازم النكتة المذكورة صحة استعمال الفعل الماضي في مقام الانشاء مطلقا.
والجواب أن منشأ صحة استعمال الجملة الخبرية في مقام الانشاء والطلب ليس النكتة المذكورة، بل منشأها أن معنى فعل المضارع مناسب للطلب الحقيقي، فإن معناه وقوع الفعل في الآن أو في المستقبل وهو مناسب لطلب ايقاعه في الخارج دون معنى الجملة الاسمية كزيد قائم مثلا ومعنى فعل الماضي، فإنهما لا ينسجمان مع طلب إيقاعهما فيه، وأما النكتة المذكورة فهي لا تمنع عن إرادة الطلب الانشائي من الفعل المضارع بعد ثبوت المقتضي له، واما في الجملة الاسمية وفعل الماضي فلا مقتضي لإرادته منهما، نعم يصح استعمال فعل الماضي في مقام انشاء الطلب في موردين:
الأول: ما إذا كان فعل الماضي جزاء للجملة الشرطية.
الثاني: ما إذا وقع في الطلب بدون كونه جزاء للشرط كما في قولك: " رحمك الله " أو " غفر الله لك " أو " عافاك الله " وهكذا، وصحة استعماله في هذين الموردين إنما هي من جهة انسلاخه عن معناه الموضوع له، ولهذا لا يصح