إنه بدون مبرر، لأن هذا المعنى المؤل ليس معنى الأمر جزما، ضرورة أن المتبادر والمنسبق من الأمر عرفا ليس هو المطلب ومعرضية الفعل للطلب والإرادة، فلا يكون موضوعا بإزائه حتى يكون مشتركا معنويا.
وثانيا: أن الأمر يستعمل فيما لا يمكن أن يتعلق به الطلب والإرادة كما في مثل قولنا اجتماع النقيضين أمر مستحيل وشريك الباري أمر محال، فإنه لا يعقل معرضية اجتماع النقيضين وشريك الباري للطلب والإرادة.
والخلاصة، أنه لا شبهة في صحة استعمال الأمر فيما يستحيل أن يكون مطلوبا ومرادا كالأشياء غير الاختيارية التي لا يمكن أن تكون في معرض الطلب والإرادة هذا، إضافة إلى أن تعدد الجمع دليل على تعدد المعنى كما مر.
وأما المحقق النائيني (قدس سره) فقد حاول إلى توحيد معنى الأمر بتقريب آخر وهو أن الطلب ليس معنى الأمر برأسه في قبال معنى الواقعة والحادثة، بل هو مصداق من مصاديقها، فإذن الأمر موضوع لمعنى واحد كمفهوم الواقعة أو الحادثة وهو ينطبق على الطلب كما ينطبق على غيره. فاذن لا يكون الطلب من معنى الأمر بل هو مصداق من مصاديق معناه (1).
ويرد عليه أولا: أن الطلب معناه لغة وعرفا هو السعي والتصدي وراء المقصود لا الواقعة والحادثة، فان كان ذلك بشكل مباشر كطالب الضالة وطالب الماء، باعتبار أنه يسعى ويتصدى بنفسه وراء ضالته وبشكل مباشر فهو طلب تكويني، وإن كان بتحريك غيره فهو طلب تشريعي، فمفهوم الطلب واحد وهو السعي والتصدي وراء المقصود والمطلوب، وهذا المفهوم الواحد كما ينطبق على السعي والتصدي التكويني الخارجي، كذلك ينطبق على السعي والتصدي