الكفاية (قدس سره) (1) وقد استدلوا عليه بأمرين:
الأول: اختلاف الأمر بمعنى الطلب عن الأمر بمعنى الشئ في صيغة الجمع.
فإن الأول يجمع على الأوامر والثاني على الأمور.
وهذا شاهد على اختلافهما في المعنى بالحمل الأولي، ضرورة أن المعنى لو كان واحدا فمن المستبعد جدا اختلافهما في الجمع، إذ لا يحتمل تعدد الجمع بلحاظ تعدد المصاديق واختلافها فإنه غير معهود في اللغة.
الثاني: أن الأمر بمعنى الطلب من المشتقات وقابل للتصريف والاشتقاق، والأمر بمعنى الشئ من الجوامد وغير قابل للصرف، ومن الواضح أن اشتراكهما في معنى واحد غير معقول (2). وغير خفي أن هذين الأمرين وإن كانا يدلان على اختلافهما في المعنى، إلا أنهما لا يدلان على أن الأمر مرادف للشيء في المعنى ومساوق له في المفهوم، فلو كان الأمر مشتركا لفظيا بين الطلب والشئ، كان يساوق مفهوم الشئ بعرضه العريض، مع أن الأمر ليس كذلك، ضرورة أنه يصح اطلاق الشئ على الأعيان بينما لا يصح اطلاق الأمر عليها، ومن هنا صح أن يقال زيد شيء ولم يصح أن يقال زيد أمر، وإذا رأى شخص فرسا عجيبا صح أن يقال رأيت شيئا عجيبا ولم يصح أن يقال رأيت أمرا عجيبا.
فالنتيجة أن الأمر لا يمكن أن يكون مساوقا للشيء بعرضه العريض، ومن هنا اختلف المحققون في المعنى الآخر للأمر، فذهب المحقق النائيني (قدس سره) إلى أنه الواقعة والحادثة مطلقا أو الواقعة والحادثة الخطيرة المهمة (3). والمحقق