الاعتباري النفساني.
الثانية: أن الانشاء ليس عبارة عن ايجاد المعنى باللفظ، وذلك لأنه إن أريد بالايجاد، الايجاد التكويني، فهو غير معقول، بداهة أنه تابع لسلسلة علله التكوينية واللفظ ليس داخلا في تلك السلسلة. وإن أريد به الايجاد الاعتباري، فهو بيد المعتبر وجودا وعدما، سواء كان هناك لفظ يتلفظ به أم لا، ومن هنا قال (قدس سره): إن الانشاء عبارة عن ابراز الأمر الاعتباري النفساني (1). وعلى هذا فالأمر مادة وهيئة موضوع للدلالة على قصد ابرازه في الخارج، فإذا اعتبر المولى فعلا على ذمة المكلف كان ابرازه في الخارج بمبرز ما من مادة الأمر أو هيئته أو ما يقوم مقامها انشاء، ولكن كلتا المقدمتين غير صحيحة.
أما المقدمة الأولى فقد تقدم الكلام فيها في باب الوضع وقلنا هناك بأن حقيقة الوضع ليست هي التعهد والالتزام النفساني، بل هي تخصيص اللفظ بالمعنى اعتبارا وخارجا بشكل جاد ومؤكد على تفصيل قد مر هناك (2)، ومن أجل ذلك قلنا في باب الوضع أن الدلالة الوضعية دلالة تصورية لا تصديقية، وعليه فلا يمكن القول بأن الأمر موضوع مادة وهيئة للدلالة على قصد ابراز الأمر الاعتباري النفساني، فإنه مبني على مسلك التعهد وهو غير صحيح، وتمام البحث في ذلك قد سبق في باب الوضع.
وأما المقدمة الثانية فهي مبنية على تفسير الايجاد في كلام المشهور (الانشاء ايجاد المعنى باللفظ) بالايجاد التصديقي، فمن أجل ذلك أورد عليه بأن ما هو المشهور في تفسير الانشاء من ايجاد المعنى باللفظ اما غير معقول إن أريد بالايجاد