الأمر بشئ والنهي عن تركه يدلان على معنى واحد، وإنما الاختلاف بينهما في التعبير فقط - فهذا مما لا إشكال فيه، إذ من الواضح أنه لا مانع من إبراز معنى واحد بعبارات متعددة وألفاظ مختلفة، فيبرزه تارة بلفظ، واخرى بلفظ آخر، وهكذا...
مثلا: يمكن إبراز كون الصلاة على ذمة المكلف مرة بكلمة " صل "، ومرة أخرى بكلمة " لا تترك الصلاة " بأن يكون المقصود من كلتا الكلمتين إبراز وجوبها وثبوتها في ذمة المكلف، لا أن المقصود من الكلمة الأولى إبراز وجوب فعلها ومن الكلمة الثانية إبراز حرمة تركها، لئلا تكون إحدى الكلمتين عين الأخرى في الدلالة والكشف.
وهذا هو المقصود من الروايات الناهية عن ترك الصلاة. وليس المراد من النهي فيها النهي الحقيقي الناشئ عن مفسدة إلزامية في متعلقه، ولذلك لم يتوهم أحد حرمة ترك الصلاة، وأن تاركها يستحق عقابين: عقابا لتركه الواجب، وعقابا لارتكابه الحرام.
وهذا التعبير - أعني به: التعبير عن طلب شئ بالنهي عن تركه - أمر متعارف في الروايات في باب الواجبات والمستحبات، وفي كلمات الفقهاء رضوان الله عليهم، فترى أنهم يعبرون عن الاحتياط الواجب بقولهم: لا يترك الاحتياط.
وعليه فمعنى أن الأمر بالشئ عين النهي عن ضده: هو أنهما متحدان في جهة الدلالة والحكاية عن المعنى، في مقابل ما إذا كانا متغايرين في تلك الجهة.
وعلى ضوء ذلك صح أن يقال: إن الأمر بالشئ عين النهي عن ضده العام بحسب المعنى والدلالة عليه. فإن أريد من العينية: العينية بهذا المعنى فهي صحيحة ولا بأس بها، ولكن الظاهر أن العينية بذلك المعنى ليست مرادا للقائل بها كما لا يخفى.
وإن أريد بها العينية في مقام الثبوت والواقع - أعني بها: كون الأمر بشئ عين النهي عن تركه في ذلك المقام وبالعكس - فيرد عليه: أنه إن أريد من النهي عن