كما أن القوانين الجعلية العلمية - التي قد يتعلق بها العلم وقد يتعلق بها الجهل - لو كانت من الاعتبارات، ولم يكن لها وعاء غير الاعتبار، يلزم الالتزام بانعدامها بالغفلة عنها، وهذا مما يأباه العقل السليم (1) - ليس بشئ لعدم فساد تاليه، بل الامر كذلك بلا إشكال في القوانين الجعلية، كقانون الزواج والملك وغيرهما، فإنه مع انعدام المعتبرين ومناشئ اعتبارها ومحال كتبها لم يكن لها تحقق، كما أن الألسنة القديمة المتداولة بين البشر المنقرضين بوجودها العلمي والكتبي صارت منقرضة معدومة، وليس لها عين ولا أثر في الخارج والذهن، وما لا وجود له في الخارج والعين فليس بشئ.
نعم، القوانين العلمية التي لها موازين واقعية كشف عنها العلم لم تنعدم بانعدام المكاشفين، فقانون الجاذبة له واقع كشف أم لم يكشف، بخلاف الجعليات، فلا ينبغي التأمل في أن الواضع لم يجعل علاقة واقعية بين اللفظ والمعنى، مع أن البرهان المتقدم يبطل تحقق هذه العلاقة قبل الجعل وبعده.
ثم إن الوضع - على ما يظهر من تصاريفه - هو جعل اللفظ للمعنى و تعيينه للدلالة عليه، وهذا لا ينقسم إلى قسمين لان التعيني لا يكون وضعا وجعلا.
والاختصاص الواقع في كلام المحقق الخراساني (2) ليس وضعا بل أثره.