اختلافها وامتيازها هو الأغراض أو الفوائد المترتبة عليها لتأخرها رتبة عن القضايا، فمع عدم امتيازها لا يمكن أن يترتب عليها فوائد مختلفة.
نعم، قد تتداخل العلوم في بعض القضايا بمعنى أن تكون لقضية واحدة فائدة أدبية - مثلا - يبحث الأديب عنها لفائدتها الأدبية، و الأصولي لفهم كلام الشارع، كبعض مباحث الألفاظ، فالأصولي و الأديب يكون غرضهما فهم كون اللام للاستغراق، و (ما) و (إلا) للحصر، لكن يكون ذلك هو الغرض الأقصى للأديب بما أنه أديب، أو يكون أقصى مقصده أمرا أدبيا، وللأ صولي غرض آخر، هو فهم كلام الشارع لتعيين تكليف العباد.
وتداخل العلوم في بعض المسائل لا يوجب أن تكون امتيازها بالاغراض بما أنها واحدة بالوحدة الاعتبارية، فإن المركب من مسائل شتى إذا اختلف مع مركب آخر بحسب مسائله، واتحد معه في بعضها، يكون مختلفا معه بما أنه واحد اعتباري ذاتا، خصوصا إذا كان التداخل قليلا، كما أن الامر كذلك في العلوم.
فتحصل مما ذكر: أن اختلاف العلوم إنما يكون بذاتها، لا بالاغراض و الفوائد، فإنه غير معقول.
ثم إنه بما ذكرنا - من عدم لزوم كون المبحوث عنه في مسائل العلم من الاعراض الذاتية لموضوع العلم، بل ولا لموضوع المسائل - يتضح: أن بعض المباحث اللفظية، كالبحث عن دلالة الأمر والنهي و كلمات الحصر وكثير من مباحث العام والخاص والمطلق والمقيد، وبعض المباحث العقلية