وتوهم لزوم العلاقة - دفعا للترجيح بلا مرجح في الوضع، وجعل هذا برهانا على لزوم كونه تعالى واضعا لعدم إحاطة البشر بالخصوصيات والروابط بينها (1) - واضح الضعف لعدم لزوم كون المرجح هو الرابطة بين اللفظ والمعنى لامكان أن يكون انتخاب لفظ لترجيح فيه لدى الواضع، من قبيل سهولة الأداء، وحسن التركيب، إلى غير ذلك، من غير أن يكون بين الألفاظ والمعاني أدنى مناسبة.
وبالجملة: دعوى المناسبة بين جميع الألفاظ والمعاني مما يدفعه الوجدان.
ويمكن إقامة البرهان على دفعها بأن يقال: إذا وضع لمعنى بسيط من جميع الجهات ألفاظ مختلفة في لغة أو لغات: فإما أن يكون لجميعها الربط مع المعنى، أو لبعضها دون بعض، أو لا ربط لواحد منها معه. لا سبيل إلى الأول للزوم تحقق الجهات المختلفة في البسيط الحقيقي، وهو خلف، وعلى الثاني والثالث تبطل دعوى الخصم.
هذا، وأما عدم تحقق العلقة بينهما بعد الوضع - بمعنى أن الجاعل لم يوجد علقة خارجية بينهما - فهو - أيضا - واضح لان تعيين اللفظ للمعنى لا يعقل أن يكون موجبا لوجود العلقة الخارجية التكوينية، و أما فهم المعنى من اللفظ فليس إلا للانس الحاصل من الاستعمال، أو من العلم بأن المتكلم يعمل على طبق الوضع، من غير أن تكون علقة زائدة على ما ذكر.
وما قيل: - من أن لازم ذلك انعدام هذه العلقة بانعدام المعتبرين و العالمين،