وقد يقال (1): إن الوجوب الغيري لما كان مترشحا عن وجوب الغير كان وجوبه مشروطا بوجوب الغير، كما أن الغير يكون مشروطا بالواجب الغيري، فيكون وجوب الغير من المقدمات الوجوبية للواجب الغيري، ووجوب الواجب الغيري من المقدمات الوجودية لذلك الغير، كالصلاة والوضوء فهي مشروطة به ووجوبه مشروط بوجوبها، فحينئذ يرجع الشك في كون وجوب غيريا إلى شكين: أحدهما:
الشك في تقييد وجوبه بوجوب الغير، وثانيهما: الشك في تقييد مادة الغير به، فيرفع الشكان بإطلاق المادة والهيئة، بل إطلاق أحدهما كاف لرفعهما، لحجية مثبتات الأصول اللفظية. انتهى ملخصا.
وفيه: - مضافا إلى أن تقييد المادة إنما يكون في بعض الواجبات الغيرية كالشرائط، لا في جميعها كنصب السلم بالنسبة إلى الصعود - أن الوجوب الغيري إذا كان مترشحا من النفسي - كما هو ظاهرهم (2) - يكون معلوله، ولا يمكن أن يكون المعلول متقيدا ومشروطا بعلته، بحيث يكون المعلول هو المشروط بما هو كذلك، فإن الوجوب الغيري على فرض المعلولية يكون بحقيقته وهويته معلولا، و اشتراط الشئ فرع وجوده، ضرورة أن المعدوم لا يمكن أن يشترط بشئ، فلا بد وأن يكون الواجب الغيري متحققا قبل تحققه حتى يكون المشروط بما هو مشروط معلولا.
وبالجملة: تقييد المعلول بوجود علته مستلزم لوجوده قبل وجودهما