استحقاق الثواب عليه.
وأما استحقاق الثواب عليها باعتبار الواجب النفسي فهو - أيضا - غير صحيح، فإن الآتي بالمقدمات لأجل الاتيان بالواجب النفسي، لو لم يأت به لعذر أو لغيره لم يأت بمتعلق الامر النفسي، ومعه لا يعقل الاستحقاق بالمعنى الذي هو مورد البحث - أي كون ترك الثواب ظلما وقبيحا - لان استحقاق من لم يأت به: إما للامر الغيري فقد عرفت حاله، وإما للامر النفسي فمع عدم الاتيان بمتعلقه لا وجه للاستحقاق.
فلو أمر شخص أحدا برد ضالته، فتحمل المشقة الكثيرة ولم يوفق إلى ردها ورجع صفر الكف، فطالب بالاجر، فهل تراه محقا أو مبطلا؟ لا أظنك - بعد تشخيص محل النزاع - أن تشك في عدم الاستحقاق.
نعم، إذا كان لذي المقدمة مقدمات كثيرة وتحصيلها مستلزم للمشتقات، يكون أجر نفس العمل بحسب المقدمات مختلفا، لا بمعنى التقسيط عليها، بل يكون التفاوت بلحاظها، فالآتي بالحج، من البلاد النائية بأمر شخص يكون أجرته أكثر (من أجرة الآتي بالحج) من غيرها، ولو أتى بجميع المقدمات ولم يأت بالحج، فليس له استحقاق للأجرة، لعدم الاتيان بمتعلق الامر، فكذا الحال في أوامره تعالى بناء على الاستحقاق.
وظني أنهم خلطوا بين الاستحقاق وممدوحية العبد، بمعنى إدراك العقل صفاء نفسه، وكونه بصدد إطاعة أمره، وكونه ذا ملكة فاضلة و سريرة حسنة، ضرورة أن الآتي بالمقدمات مع عدم توفيقه لاتيان ذي المقدمة