لكن في المشروط يتوصل المولى إليه على تقدير حصول الشرط فإذا قال:
(حج إن استطعت) يكون انشاء الايجاب أو البعث على تقدير الاستطاعة للتوصل إليه على هذا التقدير لا قبله.
بقي الكلام في فائدة هذا الانشاء قبل حصول الشرط، وهي متصورة في الانشاء المتوجه إلى مكلف جزئي، وأما الحكم التشريعي القانوني المتعلق بالعناوين الكلية فلا يمكن أن ينشأ إلا على هذا النحو كما لا يخفى.
وبالجملة: أن انشاء البعث المشروط للتوصل به إلى المبعوث إليه على تقدير حصول الشرط، سوأ في ذلك مذهب المشهور وغيره.
ومنها: أن وجوب المقدمة قبل وجوب ذي المقدمة ممتنع، لان وجوبها ناشئ من وجوبه، وعلى فرض التلازم بين الإرادتين تكون إرادة المقدمة ناشئة من إرادة ذي المقدمة، فلا يعقل وجود المعلول قبل علته وأحد المتلازمين قبل صاحبه (1).
ولعل بعض أهل التحقيق فرارا من مثل الاشكال ذهب إلى أن الحكم عبارة عن الإرادة المظهرة (2)، بتخيل أنه معه يرفع الاشكال عنه، و سيتضح ما فيه.
والجواب عن الاشكال: أن وجوب المقدمة لا يكون ناشئا من وجوب ذي المقدمة - إذا قلنا بأن الوجوب هو البعث أو المنتزع منه - ضرورة عدم التلازم بين البعث إلى شي والبعث إلى مقدمة، بل غالبا لا يكون للمولى بعث إلى المقدمات.