وأما التلازم بين الإرادة المتعلقة بذي المقدمة مع إرادة مقدمته، فليس بمعنى نشوء إرادة من إرادة، بحيث تكون إرادة ذي المقدمة علة موجودة لها، لما عرفت سابقا من أن الامر - على فرض الملازمة - لما رأى توقف ما هو مطلوبه على شي فهو يريد البعث إليه لأجل تحصيله، وهذا معنى الإرادة الغيرية، فللارادة مطلقا مقدمات لا تتحقق بدونها، ولا تكون إرادة ناشئة من أخرى.
فهاهنا نقول: إن الملاك في إرادة المقدمة هو علمه بتوقف التوصل إلى ذي المقدمة عليها، فإذا كان ذو المقدمة مرادا فعليا فلا محالة تتعلق إرادة بما يراه مقدمة بملاك التوصل، بناء على الملازمة.
وأما إذا فرض عدم تعلق إرادة فعلا بتحصيل ذي المقدمة فعلا، لكن يعلم المولى أنه عند حصول شرطه مطلوب له لا يرضى بتركه، و يرى أن له مقدمات لا بد من إتيانها قبل حصول الشرط، وإلا يفوت الواجب في محله بفوتها، فلا محالة تتعلق إرادة آمرية بتحصيلها لأجل التوصل بها إليه في محله، وبعد تحقق شرطه، لا لشئ آخر.
بل إذا علم المكلف بأن المولى أنشأ البعث على تقدير يعلم حصوله، و يرى أنه يتوقف على شي قبل تحقق شرطه، بحيث يفوت وقت إتيانه، يجب عليه عقلا إتيانه، لحفظ غرض المولى في موطنه.
فإذا قال: (أكرم صديقي إذا جاءك) ويتوقف إكرامه على مقدمات يكون وقت إتيانها قبل مجيئه، يحكم عقله بإتيانها لتحصيل غرضه، بل لو