يرجع إلى الوجود الصرف التام وفوق التمام.
وإن أريد نفي صفة الإرادة فهو إلحاد في أسمائه تعالى، ومستلزم للنقص والتركيب والامكان، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
وأما الإرادة فينا فليست شوقا مؤكدا كما تمور به الألسن مورا (1)، فإن الشوق من الصفات الانفعالية للنفس، والإرادة من صفاتها الفعالة، والشوق لا يبلغ حد الباعثية وإن بلغ ما بلغ في الشدة، والإرادة هي تصميم العزم وإجماع النفس والهمة، بل قد لا يكون الشوق من مبادئها، فيريد المكروه ولا يريد المشتاق إليه، كمن يشرب الدواء البشيع لتشخيص الصلاح فيه مع النفرة والكراهة الشديدة، ويترك شرب الماء البارد مع شدة عطشه واشتياقه لشربه تسليما لحكم العقل بأنه مضر للاستسقاء. (2) ثم إن الإرادة كالشوق تتعلق بالامر الحالي والاستقبالي، وليست كالعلل الطبيعية، ولم تكن مطلق الإرادة علة تامة لمطلق حركة العضلات، بل العضلات بما هي تابعة للنفس تكون تحت سلطانها، فإذا أرادت إيجاد أمر في المستقبل لا تتعلق الإرادة بتحريك العضلات في الحال، بل إن بقيت الإرادة إلى زمان العمل تتعلق إرادة أخرى بتحريك العضلات، لرؤية توقف الايجاد على حركتها، لا لان إرادة الايجاد محركة للعضلات.