بين موضوعات المسائل (1) - مما لا أصل له، فإنك قد عرفت أن كل علم إنما كان بدو تدوينه عدة قضايا، فأضاف إليه الخلف حتى صار كاملا، ولم يكن من أول الأمر في نظر المؤسس البحث عن عوارض الجامع بين موضوعات المسائل.
فهذا علم الفقه، فهل يكون في مسائله ما يبحث عن عوارض فعل المكلف بما هو فعله الجامع بين الافعال؟ وهل كان نظر مدونيه في أول تدوينه إلى ذلك، أم كان هذا التكلف كالمناسبات بعد الوقوع على وجه لا يصدق في جميع مسائل العلوم أو غالبها؟ وهل تظن أن مدون علم الجغرافيا في بدو تأسيسه كان ناظرا إلى أحوال الأرض وهيئاتها؟
أو أن في كل صقع وجد شخص أو أشخاص في مر الدهور، و دون جغرافيا صقعه، أو مع البلاد المجاورة، ثم ضم آخر جغرافيا صقعه إليه، فصار جغرافيا مملكة، وهكذا إلى أن صار جغرافيا جميع الأرض، فلم يكن البحث فيه من أول الأمر عن أحوال الأرض - تأمل - وهكذا الامر في كثير من العلوم.
فالالتزام بأنه لا بد لكل علم من موضوع يبحث فيه عن عوارضه الذاتية، ثم التزام تكلفات باردة لتصحيحه، ثم التزام استطراد كثير من المباحث التي تكون بالضرورة من مسائل الفنون، مما لا أرى له وجها.