وإن أريد أن يثبت بها (1) بقاء ذلك المشكوك إلى هذا الزمان، مع قطع النظر عن تشخيص مقدار الاستعداد، بأن يقال: إن الغالب باق فهذا باق، فنقول:
لا يخفى أن اتصاف الغالب بالبقاء ليس لامر واحد مشترك بين الجميع، حتى يظن ثبوت هذا الامر في المشكوك فيحكم عليه بالبقاء، بل لأمور مختلفة وهي استعداداتها وقابلياتها المختلفة، وإنما اجتمعت في هذا الزمان بضرب من الاتفاق، نظرا إلى تفاوت مبادئ حدوثها في التقدم والتأخر.
مثلا: للفيل استعداد، وللفرس آخر، وللإنسان آخر، وللذباب آخر، وللرطوبة آخر، ولكن اتفق هذا الزمان مجمعا لوجود الجميع، فاتصف الجميع بالبقاء، فإذا شككنا في بقاء شئ مشكوك مقدار استعداده مع القطع بزيادته عن استعداد بعض هذه البواقي ونقصانه عن استعداد بعضها الاخر، أو شككنا في بقاء شئ معلوم مقدار استعداده مشكوك في انقضاء هذا المقدار، فبأي شئ يلحق؟
ولنأت لهذا بمثال ليتضح به الحال، فنقول: إذا بنى الأمير على أن يضيف جميع أهل البلد في الليالي، لكن مع الاختلاف في عدد الليالي - بحسب اختلافهم في الضعة والشرف - بأن يضيف بعضهم ليلة، وبعضهم ليلتين، وبعضهم ثلاثا، وبعضهم عشرا، وهكذا، فأضاف في عدة ليال جمعا، وأضاف زيدا أيضا عدة ليال من تلك الليالي، ثم فرضنا أنه اتفق في ليلة إضافة أغلب أهل البلد لتصادف استعداداتهم اتفاقا فيها، فإذا شك في أن زيدا أضيف في هذه الليلة أم لا - من جهة الشك في مقدار قابليته، هل هو ممن