الوسطى وصلاة العصر). وأخرجه أيضا عنها مالك وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في سننه وزادوا: وقالت أشهد أني سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وأخرج مالك وأحمد وعبد بن حميد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم عن أبي يونس مولى عائشة أنها أمرته أن يكتب لها مصحفا وقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذني (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) قال: فلما بلغتها آذنتها فأملت على (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر) قالت عائشة: سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وأخرج وكيع وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن أم سلمة أنها أمرت من يكتب لها مصحفا، وقالت له كما قالت حفصة وعائشة. فغاية ما في هذه الروايات عن أمهات المؤمنين الثلاث رضي الله عنهن أنهن يروين هذا الحرف هكذا عن رسول الله صلى الله علي وآله وسلم، وليس فيه ما يدل على تعيين الصلاة الوسطى أنها الظهر أو غيرها، بل غاية ما يدل عليه عطف صلاة العصر على صلاة الوسطى أنها غيرها، لأن المعطوف غير المعطوف عليه، وهذا الاستدلال لا يعارض ما ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم ثبوتا لا يدفع أنها العصر كما قدمنا بيانه. فالحصل أن هذه القراءة التي نقلتها أمهات المؤمنين الثلاث بإثبات قوله " وصلاة العصر " معارضة بما أخرجه ابن جرير عن عروة قال: كان في مصحف عائشة (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر). وأخرج وكيع عن حميدة قالت: قرأت في مصحف عائشة (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر). وأخرج ابن أبي داود عن قبيصة بن ذؤيب مثله. وأخرج سعيد بن منصور وأبو عبيد عن زياد بن أبي مريم أن عائشة أمرت بمصحف لها أن يكتب وقالت: إذا بلغتم (حافظوا على الصلوات) فلا تكتبوها حتى تؤذنوني، فلما أخبروها أنهم قد بلغوا قالت: اكتبوها صلاة الوسطى صلاة العصر. وأخرج ابن جرير والطحاوي والبيهقي عن عمرو بن رافع: قال كان مكتوبا في مصحف حفصة (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر). وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن المنذر عن أبي بن كعب أنه كان يقرؤها (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر). وأخرج أبو عبيد وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه وابن جرير والطحاوي عن ابن عباس أنه كان ليقرؤها (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر). وأخرج المحاملي عن السائب بن يزيد أنه تلاها كذلك فهذه الروايات تعارض تلك الروايات باعتبار التلاوة ونقل القراءة، ويبقى ما صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من التعيين صافيا عن شوب كدر المعارضة. على أنه قد ورد ما يدل على نسخ تلك القراءة التي نقلتها حفصة وعائشة وأم سلمة. فأخرج عبد بن حميد ومسلم وأبو داود في ناسخه وابن جرير والبيهقي عن البراء بن عازب قال نزلت (حافظوا على الصلوات وصلاة العصر) فقرأناها على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما شاء الله ثم نسخها الله، فأنزل (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) فقيل له: هي إذن صلاة العصر؟ قال: قد حدثتك كيف نزلت وكيف نسخها الله، والله أعلم. وأخرج البيهقي عنه من وجه آخر نحوه، وإذا تقرر لك هذا وعرفت ما سقناه تبين لك أنه لم يرد ما يعارض أن الصلاة الوسطى صلاة العصر. وأما حجج بقية الأقوال فليس فيها شئ مما ينبغي الاشتغال به، لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك شئ، وبعض القائلين عول على أمر لا يعول عليه فقال: إنها صلاة كذا، لأنها وسطى بالنسبة إلى أن قبلها كذا من الصلوات وبعدها كذا من الصلوات، وهذا الرأي المحض والتخمين البحت لا ينبغي أن تسند إليه الأحكام الشرعية على فرض عدم وجود ما يعارضه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فكيف مع وجود ما هو في أعلا درجات الصحة والقوة والثبوت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ وبالله العجب من قوم لم يكتفوا بتقصيرهم في علم السنة وإعراضهم
(٢٥٧)