البخاري وغيره عن ابن عمرو عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين وقتل النفس " شك شعبة " واليمين الغموس ". وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " إن من أكبر الكبائر إن يلعن الرجل والديه، قالوا: وكيف يعلن الرجل والديه؟
قال: يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه "، والأحاديث في تعداد الكبائر وتعيينها كثيرة جدا، فمن رام الوقوف على ما ورد في ذلك، فعليه بكتاب الزواجر في الكبائر، فإنه قد جمع فأوعى.
واعلم أنه لا بد من تقييد ما في هذه الآية من تكفير السيئات بمجرد اجتناب الكبائر بما أخرجه النسائي وابن ماجة وابن جرير وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن أبي هريرة وأبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جلس على المنبر ثم قال " والذي نفسي بيده ما من عبد يصلى الصلوات الخمس ويصوم رمضان ويؤدى الزكاة ويجتنب الكبائر السبع إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يوم القيامة حتى إنها لتصفق، ثم تلا - إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم - ". وأخرج أبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال: إن في سورة النساء خمس آيات ما يسرني أن لي بها الدنيا وما فيها، ولقد علمت أن العلماء إذا مروا بها يعرفونها: قوله تعالى (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه) الآية، وقوله (إن الله لا يظلم مثقال ذرة) الآية، وقوله (إن الله لا يغفر أن يشرك به) الآية، وقوله (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك) الآية، وقوله (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه) الآية.
قوله (ولا تتمنوا) التمني نوع من الإرادة يتعلق بالمستقبل، كالتلهف نوع منها يتعلق بالماضي، وفيه النهى عن أن يتمنى الإنسان ما فضل الله به غيره من الناس عليه، فإن ذلك نوع من عدم الرضا بالقسمة التي قسمها الله بين عباده على مقتضى إرادته وحكمته البالغة، وفيه أيضا نوع من الحسد المنهى عنه إذا صحبه إرادة زوال تلك النعمة عن الغير.
وقد اختلف العلماء في الغبطة هل تجوز أم لا؟ وهي أن يتمنى أن يكون به حال مثل حال صاحبه من دون أن يتمنى زوال ذلك الحال عن صاحبه، فذهب الجمهور إلى جواز ذلك، واستدلوا بالحديث الصحيح " لا حسد