لا، قال نزلت في إتيان النساء من أدبارهن. وأخرج البخاري عن ابن عمر أنه قال (فأتوا حرثكم أني شئتم) قال في الدبر. وقد روى هذا عن ابن عمر من طرق كثيرة. وفي رواية عند الدارقطني أنه قال له نافع: من دبرها في قبلها؟ فقال لا: إلا في دبرها. وأخرج بن راهويه وأبو يعلى وابن جرير والطحاوي وابن مردويه بإسناد حسن عن أبي سعيد الخدري، أن رجلا أصاب امرأته في دبرها، فأنكر الناس عليه ذلك، فنزلت الآية. وأخرج البيهقي في سننه عن محمد بن علي قال: كتب عند محمد بن كعب القرظي فجاءه رجل فقال: ما تقول في إتيان المرأة في دبرها؟ فقال: هذا شيخ من قريش فسله، يعني عبد الله بن علي بن السائب: فقال: قذر ولو كان حلالا. وقد روى القول بحل ذلك عن محمد بن المنكدر عند ابن جرير وعن بن أبي مليكة عند ابن جرير أيضا، وعن مالك ابن نس عند ابن جرير والخطيب وغيرهما، وعن الشافعي عند الطحاوي والحاكم والخطيب. وقد قدمنا مثل هذا، وليس في أقوال هؤلاء حجة ألبتة: ولا يجوز لأحد أن يعمل على أقوالهم، فإنهم لم يأتوا بدليل يدل على الجواز، فمن زعم منهم أنه فهم ذلك من الآية فقد أخطأ في فهمه. وقد فسرها لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأكابر أصحابه بخلاف ما قاله هذا المخطئ في فهمه كائنا من كان ومن زعم منهم أن سبب نزول الآية أن رجلا أتى امرأته في دبرها، فليس في هذا ما يدل على أن الآية أحلت ذلك، ومن زعم ذلك فقد أخطأ، بل الذي تدل عليه الآية أن ذلك حرام، فكون ذلك هو السبب لا يستلزم أن تكون الآية نازلة في تحليله، فإن الآيات النازلة على أسباب تأتي تارة بتحليل هذا، وتارة بتحريمه. وقد روى عن ابن عباس أنه فسر هذه الآية بغير ما تقدم، فقال معناها إن شئتم فاعزلوا وان شئتم فلا تعزلوا. روى ذلك عنه ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والضياء في المختارة. وروى نحو ذلك عن ابن عمر. أخرجه ابن أبي شيبة وعن سعيد بن المسيب، أخرجه ابن أبي شيبة وابن جرير.
العرضة: النصبة، قاله الجوهري، يقال جعلت فلانا عرضة لكذا: أي نصبة: وقيل العرضة من الشدة والقوة، ومنه قولهم للمرأة عرضة للنكاح: إذا صلحت له وقويت عليه، ولفلان عرضة: أي قوة، ومنه قول كعب بن زهير:
من كل نضاخة الدفري إذا عرقت * عرضتها طامس الأعلام مجهول ومثله قول أوس بن حجر:
وأدماء مثل العجل يوما عرضتها * لرحلي وفيها هزة وتقاذف ويطلق العرضة على الهمة، ومنه قول الشاعر: * هم الأنصار عرضتها اللقاء * أي همتها، ويقال فلان عرضة للناس لا يزالون يقعون فيه - فعلى المعنى الذي ذكره الجوهري أن العرضة النصبة كالقبضة والغرفة يكون ذلك اسما لما تعرضه دون الشئ: أي تجعله حاجزا له ومانعا منه: أي لا تجعلوا الله حاجزا ومانعا لما حلفتم عليه. وذلك لأن الرجل كان يحلف على بعض الخير من صلة رحم أو إحسان إلى الغير أو إصلاح