وسلم " ما بال أقوام يلعبون بحدود الله يقول: قد طلقتك، قد راجعتك، قد طلقتك، قد راجعتك، ليس هذا طلاق المسلمين، طلقوا المرأة في قبل عدتها ". وقد أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبادة بن الصامت قال:
كان الرجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول للرجل: زوجتك ابنتي، ثم يقول كنت لاعبا، ويقول: قد أعتقت، ويقول: كنت لاعبا، فأنزل الله سبحانه (ولا تتخذوا آيات الله هزؤا) فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " ثلاث من قالهن لاعبا أو غير لاعب فهن جائزات عليه: الطلاق، والنكاح، والعتاق ".
وأخرج ابن مردويه عن أبي الدرداء قال: كان الرجل يطلق ثم يقول: لعبت ويعتق ثم يقول لعبت فأنزل الله (ولا تتخذوا آيات الله هزؤا) فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " من طلق أو أعتق فقال لعبت فليس قوله بشئ يقع عليه فيلزمه ". وأخرج ابن مردويه أيضا عن ابن عباس قال: طلق رجل امرأته وهو يلعب لا يريد الطلاق، فأنزل الله (ولا تتخذوا آيات الله هزؤا) فألزمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الطلاق. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن مرفوعا نحو حديث عبادة. وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجة والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح، والطلاق، والرجعة ".
الخطاب في هذه الآية بقوله (وإذا طلقتم) وبقوله (فلا تعضلوهن) إما أن يكون للأزواج، ويكون معنى العضل منهم أن يمنعوهن من أن يتزوجن من أردن من الأزواج بعد انقضاء عدتهن لحمية الجاهلية، كما يقع كثيرا من الخلفاء والسلاطين غيرة على من كن تحتهم من النساء أن يصرن تحت غيرهم، لأنهم لما نالوه من رياسة الدنيا وما صاروا فيه من النخوة والكبرياء يتخيلون أنهم قد خرجوا من جنس بني آدم إلا من عصمه الله منهم بالورع والتواضع، وإما أن يكون الخطاب للأولياء، ويكون معنى إسناد الطلاق إليهم أنهم سبب له لكونهم المزوجين للنساء المطلقات من الأزواج المطلقين لهن. وبلوغ الأجل المذكور هنا المراد به المعنى الحقيقي: أي نهايته لا كما سبق في الآية الأولى. والعضل: الحبس. وحكى الخليل دجاجة معضلة قد احتبس بيضها، وقيل العضل: التضييق والمنع، وهو راجع إلى معنى الحبس، يقال أردت أمرا فعضلتني عنه: أي منعتني وضيقت علي، وأعضل الأمر: إذا ضاقت عليك فيه الحيل. وقال الأزهري: أصل العضل من قولهم عضلت الناقة:
إذا نشب ولدها فلم يسهل خروجه، وعضلت الدجاجة: نشب بيضها، وكل مشكل عند العرب معضل، ومنه قول الشافعي رحمه الله:
إذا المعضلات تصدين لي * كشفت خفاء لها بالنظر ويقال أعضل الأمر: إذا اشتد، وداء عضال: أي شديد عسير البرء أعيا الأطباء، وعضل فلان آيمه:
أي منعها يعضلها بالضم والكسر لغتان. قوله (أن ينكحن) أي من أن ينكحن فمحله الجر عند الخليل، والنصب