نسبه ومولده هو محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني ثم الصنعاني، الإمام العلامة الرباني، والسهيل الطالع من القطر اليماني، إمام الأئمة ومفتي الأمة، بحر العلوم وشمس الفهوم، سند المجتهدين الحفاظ، فارس المعاني والألفاظ، فريد العصر، نادرة الدهر، شيخ الإسلام، قدوة الأنام، علامة الزمان، ترجمان الحديث والقرآن، علم الزهاد، أوحد العباد، قامع المبتدعين، آخر المجتهدين، رأس الموحدين، تاج المتبعين، صاحب التصانيف التي لم يسبق إلى مثلها، قاضي قضاة أهل السنة والجماعة، شيخ الرواية والسماعة، عالي الإسناد، السابق في ميدان الاجتهاد، على الأكابر الأمجاد، المطلع على حقائق الشريعة ومواردها، العارف بغوامضها ومقاصدها.
ولد حسبما وجد بخطه في وسط نهار الاثنين الثامن والعشرين من شهر ذي القعدة سنة 1173 هجرية في بلده هجرة شوكان. وتوفى رحمه الله ليلة الأربعاء السابع والعشرين من شهر جمادى الآخرة سنة 1250 ه.
قال صاحب الترجمة في كتابه " البدر الطالع " عند ذكر نسب والده: وعرف (أي والده) في صنعاء بالشوكاني، نسبة إلى شوكان، وهي قرية من قرى السحامية إحدى قبائل خولان، بينها وبين صنعاء دون مسافة يوم، وهو أحد المواضع التي يطلق عليها شوكان. قال في القاموس: وشوكان موضع بالبحرين وحصن باليمن، وبلدة بين سرخس وأبيورد: منه عتيق بن محمد بن عنبس وأخوه أبو العلاء عنبس بن محمد الشوكاني اه ونسبة صاحب الترجمة إلى شوكان ليست حقيقية، لأن وطنه وطن سلفه وقرابته بمكان عدني شوكان، بينه وبينها جبل كبير مستطيل، يقال له هجرة شوكان، فمن هذه الحيثية كان انتساب أهله إلى شوكان، والله أعلم.
نشأته وطلبه العلم نشأ رحمه الله تعالى بصنعاء، وتربى في حجر أبيه على العفاف والطهارة، وأخذ في طلب العلم وسماع العلماء الأعلام، وفرغ نفسه للطلب وجد واجتهد، فقرأ القرآن على جماعة من المعلمين، وختمه على الفقيه حسن ابن عبد الله الهبل، وجوده على جماعة من مشايخ القرآن (بصنعاء). ثم حفظ الأزهار للإمام مهدي في الفقه، ومختصر الفرائض للعصيفري، والملحة للحريري، والكافية والشافية لابن الحاجب، والتهذيب للعلامة التفتازاني، والتلخيص في علوم البلاغة للقزويني، والغاية لابن الإمام، وبعض مختصر المنتهى لابن الحاجب في أصول الفقه، ومنظومة الجزري في القراءات، ومنظومة الجزار في العروض، وآداب البحث، والمناظرة للإمام العضد، ورسالة الوضع له أيضا. وكان حفظه لبعض هذه المختصرات قبل شروعه في الطلب، وبعضها بعد ذلك. وقبل شروعه في الطلب كان كثير الاشتغال بمطالعة كتب التاريخ ومجاميع الأدب من أيام كونه في المكتب، فطالع كتبا عدة ومجاميع كثيرة، ثم شرع في الطلب والسماع والتلقي من أفواه الرجال، إلى أن صار إماما يشار إليه، ورأسا يرحل إليه، ولم يزل مكبا على العلم قراءة وتدريسا، إلى أن فارقه أجله ولقي ربه، رحمه الله تعالى ورضى عنه.