وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله (خاوية) قال: خراب. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال (خاوية) ليس فيها أحد. وأخرج أيضا عن الضحاك قال (على عروشها) سقوفها. وأخرج ابن جرير عن السدى قال: ساقطة على سقوفها. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال (لبثت يوما) ثم التفت فرأى الشمس فقال (أو بعض يوم). وأخرج عنه أيضا قال: كان طعامه الذي معه سلة من تين، وشرابه زق من عصير. وأخرج أيضا عن مجاهد نحوه. وأخرج أبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (لم يتسنه) قال: لم يتغير. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير قال: (لم يتسنه) لم ينتن. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله (ولنجعلك آية للناس) مثل ما تقدم عن الأعمش، وكذلك أخرج مثله أيضا عن عكرمة. وأخرج ابن جرير وابن منذر عن ابن عباس في قوله (كيف ننشزها) قال: نخرجها. وأخرج ابن جرير عن زيد بن ثابت قال: نحييها.
قوله (وإذ) ظرف منصوب بفعل محذوف: أي أذكر وقت قول إبراهيم، وإنما كان الأمر بالذكر موجها إلى الوقت دون ما وقع فيه مع كونه المقصود لقصد المبالغة، لأن طلب وقت الشئ يستلزم طلبه بالأولى، وهكذا يقال في سائر المواضع الواردة في الكتاب العزيز بمثل هذا الظرف. وقوله (رب) آثره على غيره لما فيه من الاستعطاف الموجب لقبول ما يرد بعده من الدعاء. وقوله (أرنى) قال الأخفش: لم يرد رؤية القلب، وإنما أراد رؤية العين وكذا قال غيره، ولا يصح أن يراد الرؤية القلبية هنا، لأن مقصود إبراهيم أن يشاهد الإحياء لتحصل له الطمأنينة والهمزة الداخلة على الفعل لقصد تعديته إلى المفعول الثاني وهو الجملة: أعني قوله (كيف تحيي الموتى) وكيف في محل نصب على التشبيه بالظرف أو بالحال والعامل فيها الفعل الذي بعدها. وقوله (أو لم تؤمن) عطف على مقدر أي ألم تعلم ولم تؤمن بأني قادر على الإحياء حتى تسألني إراءته (قال بلى) علمت وآمنت بأنك قادر على ذلك، ولكن سألت ليطمئن قلبي باجتماع دليل العيان إلى دلائل الإيمان. وقد ذهب الجمهور إلى أن إبراهيم لم يكن شاكا في إحياء الموتى قط، وإنما طلب المعاينة لما جبلت عليه النفوس البشرية من رؤية ما أخبرت عنه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم " ليس الخبر كالمعاينة ". وحكى ابن جرير عن طائفة من أهل العلم أنه سأل ذلك لأنه شك في قدرة الله. واستدلوا بما صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم في الصحيحين وغيرهما من قوله " نحن أحق بالشك من إبراهيم " وبما روى عن ابن عباس أنه قال " ما في القرآن عندي آية أرجي منها ". أخرجه عنه عبد الرزاق وعبد ابن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه، ورجح هذا ابن جرير بعد حكايته له. قال ابن عطية: وهو عندي مردود، يعني قول هذه الطائفة، ثم قال: وأما قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم " نحن أحق بالشك من إبراهيم " فمعناه: أنه لو كان شاكا لكنا نحن أحق به، ونحن لا نشك، فإبراهيم أحرى أن لا يشك. فالحديث مبني على نفي الشك عن إبراهيم: وأما قول ابن عباس: هي أرجى آية، فمن حيث أن فيها الإدلال على الله وسؤال الإحياء في الدنيا، وليست مظنة ذلك. ويجوز أن نقول هي أرجى آية لقوله (أو لم تؤمن) أي أن الإيمان كاف لا يحتاج