عند سيبويه والفراء، وقيل هو بدل اشتمال من الضمير المنصوب في قوله (فلا تعضلوهن). وقوله (أزواجهن) إن أريد به المطلقون لهن فهو مجاز باعتبار ما كان، وإن أريد به من يردن أن يتزوجنه فهو مجاز باعتبار ما سيكون. وقوله (ذلك) إشارة إلى ما فصل من الأحكام، وإنما أفرد مع كون المذكور قبله جمعا حملا على معنى الجمع بتأويله بالفريق ونحوه. وقوله (ذلكم) محمول على لفظ الجمع، خالف سبحانه ما بين الإشارتين افتنانا. وقوله (أزكى) أي أنمى وأنفع (وأظهر) من الأدناس (والله يعلم) ما لكم فيه الصلاح (وأنتم لا تعلمون) ذلك.
وقد أخرج البخاري وأهل السنن وغيرهم عن معقل بن يسار قال: كانت لي أخت فأتاني ابن عم فأنكحتها إياه، فكانت عنده ما كانت، ثم طلقها تطليقة لم يراجعها حتى انقضت العدة، فهويها وهويته ثم خطبها مع الخطاب فقلت له: يا لكع أكرمتك بها وزوجتكها فطلقتها ثم جئت تخطبها، والله لا ترجع إليك أبدا، وكان رجلا لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فعلم الله حاجته إليها وحاجتها إلى بعلها فأنزل الله (وإذا طلقتم النساء) الآية، قال: ففي نزلت هذه الآية، فكفرت عن يميني وأنكحتها إياه: وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال نزلت هذه الآية في الرجل يطلق امرأته طلقة أو طلقتين فتنقضي عدتها ثم يبدو له تزويجها وأن يراجعها وتريد المرأة ذلك، فمنعها وليها من ذلك، فنهى الله أن يمنعوها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن السدي قال: نزلت هذه الآية في جابر بن عبد الله الأنصاري، كانت له ابنة عم فطلقها زوجها تطليقة وانقضت عدتها، فأراد مراجعتها فأبى جابر، فقال: طلقت بنت عمنا ثم تريد أن تنكحها الثانية، وكانت المرأة تريد زوجها، فأنزل الله (وإذا طلقتم النساء). وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل (إذا تراضوا بينهم بالمعروف) يعني بمهر وبينة ونكاح مؤتنف. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن مردويه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " أنكحوا الأيامى، فقال رجل: يا رسول الله ما العلائق بينهم؟ قال: ما تراضي عليه أهلهن ". وأخرج ابن المنذر عن الضحاك قال (والله يعلم وأنتم لا تعلمون) قال: الله يعلم من حب كل واحد منهما لصاحبه ما لا تعلم أنت أيها الولي.
لما ذكر الله سبحانه النكاح والطلاق، ذكر الرضاع، لأن الزوجين قد يفترقان وبينهما ولد، ولهذا قيل إن هذا خاص بالمطلقات، وقيل هو عام. وقوله (يرضعن) قيل هو خبر في معنى الأمر للدلالة على تحقق مضمونه، وقيل هو خبر على بابه ليس هو في معنى الأمر على حسب ما سلف في قوله - يتربصن - وقوله (كاملين) تأكيد