والطبراني في الأوسط من طريق مجاهد عن أبي هريرة " رن إبليس حين أنزلت فاتحة الكتاب " وأنزلت بالمدينة.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وأبو نعيم في الحلية وغيرهم من طرق عن مجاهد قال: نزلت فاتحة الكتاب بالمدينة، وقيل إنها نزلت مرتين مرة بمكة ومرة بالمدينة جمعا بين هذه الروايات.
وتسمى " أم الكتاب " قال البخاري في أول التفسير: وسميت أم الكتاب لأنه يبدأ بكتابتها في المصاحف، ويبدأ بقراءتها في الصلاة. وأخرج ابن الضريس في فضائل القرآن عن أيوب عن محمد بن سيرين كان يكره أن يقول أم الكتاب ويقول: قال الله تعالى " وعنده أم الكتاب " ولكن يقول فاتحة الكتاب. ويقال لها الفاتحة لأنها يفتتح بها القراءة، وافتتحت الصحابة بها كتابة المصحف الإمام. قال ابن كثير في تفسيره: وصح تسميتها بالسبع المثاني، قالوا: لأنها تثني في الصلاة فتقرأ في كل ركعة. وأخرج أحمد من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " لأم القرآن: هي أم القرآن، وهي السبع المثاني، وهي القرآن العظيم ". وأخرج ابن جرير في تفسيره عن أبي هريرة أيضا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال " هي أم القرآن، وهي فاتحة الكتاب، وهي السبع المثاني ". وأخرج نحوه ابن مردويه في تفسيره والدارقطني من حديثه، وقال كلهم ثقات. وروى البيهقي عن علي وابن عباس وأبي هريرة أنهم فسروا قوله تعالى (سبعا من المثاني) بالفاتحة.
ومن جملة أسمائها كما حكاه في الكشاف سورة الكنز، والوافية، وسورة الحمد، وسورة الصلاة. وقد أخرج الثعلبي أن سفيان بن عيينة كان يسمي فاتحة الكتاب الواقية. وأخرج الثعلبي أيضا عن عبد الله بن يحيى بن أبي كثير أنه سأله سائل عن قراءة الفاتحة خلف الإمام، فقال عن الكافية تسأل؟ قال السائل: وما الكافية؟ قال: الفاتحة، أما علمت أنها تكفي عن سواها ولا يكفي سواها عنها. وأخرج أيضا عن الشعبي أن رجلا اشتكى إليه وجع الخاصرة، فقال: عليك بأساس القرآن، قال: وما أساس القرآن؟ قال: فاتحة الكتاب. وأخرج البيهقي في الشعب عن أنس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " إن الله أعطاني فيما من به علي فاتحة الكتاب، وقال هي من كنوز عرشي " وأخرج إسحاق بن راهويه في مسنده عن علي نحوه مرفوعا. وقد ذكر القرطبي في تفسيره للفاتحة اثني عشر اسما وهي سبع آيات بلا خلاف كما حكاه ابن كثير في تفسيره. وقال القرطبي: أجمعت الأمة على أن فاتحة الكتاب سبع آيات إلا ما روى عن حسين الجعفي أنها ست وهو شاذ. وإلا ما روى عن عمرو بن عبيد أنه جعل إياك نعبد آية، فهي عنده ثمان، وهو شاذ انتهى. وإنما اختلفوا في البسملة كما سيأتي إن شاء الله. وقد أخرج عبد بن حميد، ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة، وابن الأنباري في المصاحف عن محمد بن سيرين أن أبي بن كعب وعثمان بن عفان كانا يكتبان فاتحة الكتاب والمعوذتين، ولم يكتب ابن مسعود شيئا منهن. وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم قال: كان عبد الله بن مسعود لا يكتب فاتحة الكتاب في المصحف، وقال: لو كتبتها لكتبت في أول كل شئ.
وقد ورد في فضل هذه السورة أحاديث، منها ما أخرجه البخاري وأحمد وأبو داود والنسائي من حديث أبي سعيد بن المعلى أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال له " لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد، قال: فأخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج من المسجد قلت: يا رسول الله إنك قلت لأعلمنك أعظم سورة في القرآن؟ قال نعم - الحمد لله رب العالمين - هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته ". وأخرج أحمد والترمذي وصححه من حديث أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له " أتحب أن أعلمك سورة لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها؟ ثم أخبره أنها الفاتحة ". وأخرجه النسائي وأخرج أحمد في المسند